recent
أخبار الساخنة

نموذج من قصص كفاح الأطباء في مخيم برج الشمالي أبناؤنا فلذات أكبادنا نجوم ساطعة ‏



مهنة الطب تعتبر من أنبل و أشرف المهن الإنسانية و أكثرها رحمة في العالم لما يقوم به الأطباء من خدمات إنسانية للمجتمع, فالأطباء بلباسهم الأبيض الذي يمثل الرحمة و المواساة للمرضى, عندما يذهب المريض إلى العيادة الطبية أو إلى المستشفى يشعرون بالهدوء و الإطمئنان لدى تشخيص الطبيب/الطبيبة لأمراضهم و إعطائهم الدواء المناسب و يقدمون للمرضى الإرشادات الصحية للإهتمام بصحتهم. الطبيب يبذل كل ما في وسعه ثمنا لإنقاذ حياة المرضى و لتخفيف آلامهم. لدى الأطباء مكانة رفيعة و مميزة في المجتمع تعتمد على الإحترام و الثقة المتبادلة مع الآخرين.
بادر عدد من أبناء و بنات مخيم برج الشمالي للسفر إلى دول عديدة لتحصيل العلوم و خاصة في مجال الطب, فمنهم من سافر في القسم الثاني من الستينات إلى مصر أو دول أخرى لتلقي العلم, و بذل كل ما في وسعه و أهله ضحوا بكل ما يملكون من مال من أجل تعليم أبنائهمز ففي الزمن ما قبل 1978 , لا يستطيع الطالب أن يدخل الجامعة بدون النجاح في الإمتحانات الحكومية الرسمية و الحصول على الشهادة الثانوية ( مثلا في لبنان: البكالوريا الثانية العلمي "رياضيات" أو علوم إختبارية", أو البكالوريا الثانية أدبي: أو الشهادة الثانوية "الموحدة" من سوريا أو الشهادة الثانوية "توجيهي" من مصر), و الحصول على الشهادة الثانوية كان صعب المحال, فبعض الطلبة بحاجة أن يقدموا دورتين للإمتحانات و منهم من يعيد السنة كي ينجحوا في الأمتحانات الرسمية للحصول على الشهادة الثانوية.
إختلف الوضع بعد عام 1979, حيث بدأت الجامعات و خاصة في الدول الإشتراكية و الأوروبية يكتفون بقبول الشهادة المدرسية للثانوية و هذا ما يسر الأمور لعدد كبير من الطلبة للدراسة في الجامعات فيما بعد. و لحسن حظ عدد كبير من الطلبة أن الدول المانحة للمنح بدأت تزيد عدد المنح السنوية للطلبة مما أدى إلى سفر عدد كبير من سكان المخيمات للدراسة في الخارج. أما الطلاب القدامى خلال الستينات و الشطر الأول من السبعينات عانوا الويلات و الفقر و الحرمان خلال تحصيلهم العلمي, لكنهم بالتوكل على الله و متابعة إجتهادهم و مثابرتهم و صبرهم إستطاعوا تحقيق ما ترمو إليم طموحاتهم.
على سبيل المثال نذكر عدد من الأطباء الذين سافروا خلال أواخر الستينات و السبعينات و الثمانينات لدراسة الطب في تخصصات عديدة مثل ( طب نسائي ولادة, أطفال, عيون, أسنان, أمراض باطنية, قلب, جراحة, جراحة نسائية و التوليد و طفل الأنبوب, و تخصصات عديدة, .... ), و من هؤلاء الأطباء من تولي رئيس قسم في بعض المستشفيات. عدد من هؤلاء الأطباء عمل في جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني في لبنان و منهم من عمل في الدول العربية المجاورة و منهم من عمل في الدول الأجنبية, إلا أن العامل الإنساني كان المحبذ لنشاطاتهم و عملهم و حيث قدموا خدمة للإنسانية في كل بلد يعيشون فيه.
د. محمود مشيرفة (زوجته كرسنيه طبيبة أسنان)                                             
 د. أمين حمدان
د. محمود سليمان و أبنائه الثلاثة أطباء أيضا
د. محمد عوض عقلة د. غالب عقلة
د. محمد خليل أبو العردات
د. سليم خضر د. علي ميعاري (رحمه الله) د. محمد هلال (المعروف لدى البعض بإسم: محمد طلاق) د. خليل نصار
د. علي الصابر محمد
د. محمد محمود عدوان
د. محمد الصفي
د. أحمد عبدالعزيز
د. طارق محمود مشيرفة (زوجته فانيزا طبيبة أسنان)
د. عبدالرحمن حمود جمعة
د. سعيد رفاعي
د. يوسف عيد عطا
د. محمود عبدالحافظ دخلول
د. صالح داود داود
د. إسماعيل حمادة 
د. محمود حميد
د. خالد حميد
د. إيمان محمود سليمان
د. كامل محمود سليمان
د. أسامة محمود سليمان
د. سمية طلال عوض سعيد
د. علي حميد
د. رنا صالح محمود إبراهيم
د. قاسم محمد صالح
د. محمد زيد (رحمه الله)
د. أمينة ربيع وكال
د. احمد محمد عثمان
د. زيدان المصري
د. محمد مقبل
و عدد آخر من الأطباء و الطبيبات الذين لا أعرف أسماءهم الكاملة حاليا, أرجو من الإخوة و الأخوات أن يزودوني بهذه الأسماء الحقيقة كي أسأل عنهم قبل إضافة أسمائهم/أسمائهن.

في هذه المقالة سنسلط الأضواء على الأخت الطبيبة أمينة ربيع وّكَّال, كمثال لجميع الأخوة و الأخوات من الأطباء حيث معظمهم لديهم تقريبا نفس الظروف الصعبة في كفاحهم من أجل طلب العلم, و إن شاء الله سنلقي الأضواء على عدد من الأطباء القدامي في مخيمنا الباسل و المكافح لأنهم هم قدوتنا في طلب العلم و المثابرة من إنجار طموحاتنا.
من هي الطبيبة أمينة وكال؟
هذه الفتاة ترعرعت في حي المغاربة في مخيم برج الشمالي, من أسرة عريقة و معروفة لدى آباءنا و كبار السن في المخيم. يمتاز أفراد هذه العائلة بالأخلاق الحميدة و الأدب و حب العلم كباقي أللعائلات في المخيم. كانت تسكن سابقا بالقرب من بيت أبو سعيد المغربي القريب من بستان الزيتون شمالي حي أهلنا المغاربة. 
مع كل الظروف الصعبة التي مرت بها هذه العائلة و العائلات الأخرى في مخيم برج الشمالي, الا أنهم حوّلوا الألم إلى أمل و طموح, الألام و الصعوبات كانت حافزا شديدا لهم لتركيز رؤيتهم الى الأمام في تحصيل العلوم و المعرفة.
د. امينة هي بنت هذا المخيم العزيز, من عائلة رابح من قرية الحسينية قضاء صفد.
 ولدت أمينة بتاريخ (1-1-1960) في بيتها الذي مازال موجودا في حي المغاربة في الزاوية الشمالية الغربية لمخيم برج الشمالي, و إذا مشيت شمالا من هذا الحي ستصل إلى أبعد نقطة لحدود المخيم و هي المعروفة ببيت أم العبد (بيت حجر قديم مهجور) كما نعرف ذلك في صغرنا, و هي البوابة الرئيسية للرمالي.
نشأت في عائلة مكافحة محبة للعلم رغم كل الظروف الصعبة و المرة التي مر بها جميع اهالينا في مخيمنا الحبيب.
درست المرحلة الأبتدائية في مدرسة الصرفند (1966-1971), كانت مدرسة الصرفند في نظرها أجمل مدرسة حيث تعلمت أسس القراءة و الكتابة في هذه المدرسة, و زرعت بذور المعرفة في فكرها، وهي تتذكر جميع الأساتذة الأفاضل و تكن لهم كل التقدير و الاحترام.
بعد ذلك درست المرحلة التكميلية في مدرسة فلسطين الحبيبة (1972 – 1975) بإدارة مديرها الفاضل رحمة الله عليه الأستاذ يوسف القط, و تلقت علومها على أيدي الأساتذة الكرام في مدرسة فلسطين.
من لم يعرف حارة المغاربة نود إيضغح ما يلي: أقرب الحارات لمدرسة فلسطين حارة أهل صلحا المحاذية جدا من المدرسة, و أبعد الحارات عن مدرسة فلسطين حارة المغاربة, و معظم سكانها من أهلنا امغاربة و سموا بالمغاربة لأن أجدادهم سافروا من المغرب العربي في شمال أفريقيا قبل عشرات السنين من 1948.
تعتبر المسافة بين مدرسة فلسطين و حي المغاربة أبعد المسافات من الحارات الأخرى (على سبيل المثال نذكر أسماء عدد من الحارات في المخيم: حارة الزوق, حارة الناعمة, حارة الشواهنة, حارة آل دحويش, حارة اللوابنة,و حارة المؤسسة, وحارة العيادة القديمة, حارة الصفافرة, حارة الكساير, حارة الجامع, حارة الساحة العامة والحارة الغربية التحتى التي تقع بين مدخل المخيم و حدود حارة المغاربة, و هم من شفا عمرو و حطين و شعب, و الكساير, و ... , و الحارة البعيدة هي حارة المغاربة), رغم بعد المسافة و مشقة المشي و خاصة أثناء فصل الشتاء حيث الأمطار الغزيرة و الشوارع المملوءة بالماء و بالوحل, مع ذلك كان الطلاب المغاربة يذهبون مشينا على الاقدام بكل حب و يتسابقون مع زملائهم و زميلاتهم على من سيصل مدرسة فلسطين أولاز 
كل الشكروالفضل لله أولا و من ثم يعود للأساتذة الكرام الذين بذلوا كل جهودهم و كل ما في وسعهم في تعليم طلاب المخيم و حرصهم على حصول الطلاب عى العلوم النافعة و الأحلاق الحميدة و الرقي إلى الأمام و إلى القمة, كل ذلك من أجل حياة كريمة و من أجل بناء مستقبل أفضل لأبنائنا و بناتنا في المخيم..
بعد إنهاء الدراسة التكميلية، في مدرسة فلسطين, أصبح الوضع أصعب على الطلاب الفلسطينين لأن الوضع المادي لم يسمح لعدد من الطلبة القبول في المدارس الخاصة لأن معظم أهالي الطلاب يعملون بالفاعل و بالبساتن و الكسارات, و الأعمال الشاقة كي يكسبوا لقمة العيش بكرامة و من أجل تعليم أطفالهم, فالفلسطينيون أشد الناس حبا للعلم و المعرفة رغم ظروفهم الصعبة. لذا تقدمت الأخت أمينة وكال لإمتحان القبول في مدرسة صور الرسمية الحكومية, فهذه الدرسة لا تقبل الطلبة الفلسطينيين إلا بشروط نجاحهم في إمتحان القبول حيث يختارون عدد محدود جدا من أفضل الطلبة الفلسطينيين علما، و كم كانت فرحتها عندما تم قبولها في المدرسة في الفرع العلمي و بحمدالله درست أمينة المرحلة الثانوية في مدرسة صور الرسمية (1976-1979) و حصلت على الشهادة الثانوية في فرع العلوم الأختبارية بنجاح سنة 1979.
و لحسن حظ الطلبة الفلسطينيين عام 1980, حصل العديد من أبناء و بنات مخيمنا على منح دراسية جامعية في عدة دول إشتراكية, فمنهم من درس السياسة الدولية, و التمريض, و الكثير من الطلبة ممن درسوا الطب, فكن حظهم أفضل من حظي و حظ أصدقائي في الستينات و السبعينات.
و لحسن حظها حصلت على منحة دراسية من الأتحاد السوفياتي في مدينة ليننغراد في كلية الطب البشري وتقع تلك المدينة في شمال روسيا شديدة البرودة.
في عام(1987) انهت دراسة الطب العام بمعدل جيد جدا و غادرت الى الأردن كون زوجها من القدس عاصمة فلسطين و مقيمة حاليا في عمان / الأردن، لكن للأسف كونها تحمل وثيقة سفر فلسطينية من الحكومة اللبنانية, كان يجب عليها الحصول على الإقامة السنوية, لذلك عادت أمينة الى لبنان و عملت في مستشفى عكا و مار الياس لمدة سنة, عسى أن يكون المانع خيرأ, فهذا أمر الله أن تعمل في مستشفى عكا كي تقدم خدماتها للأبناء شعبها الفلسطيني في لبنان و لتكسب خبرة في عملها,
في 1989 سنة عادت الى عمان و حصلت على الجنسية الأردنية و التحقت بنقابة الأطباء و اجتازت إمتحان ممارسة مهنة الطب، التحقت ايضا بإقامة النسائية و التوليد لمدة اربع سنوات و حتى تكون قريبة من أولادها, فتحت عيادة خاصة بها حتى تتابع شؤون أولادها و دراستهم، و الحمدالله أولادها الاربعة أنهوا دراستهم الجامعية، لأن شعارها و شعار أهلها منذ البداية "أن العلم هو أقوى سلاح، خاصة للشعب الفلسطيني."
كل هذه المسيرة يعود الفضل الأكبر فيها أولا لله تعالى الذي يسر أمر الحياة و الدراسة لها, و الفضل يعود أيضا لوالدها الحبيب المرحوم (الحاج أبو محمد ربيع وكال) رحمة الله عليه حيث هو من زرع في أولاده و بناته حب العلم و حب الوطن و احترام الكبير و الصغير و الطموح الذي لا حد لهو و لوالدتها التي كانت تقوم بتربيتهم و رعايتهم و توجيههم.

نصيحة الأخت الدكتورة أمينة ربيع وكال لأبناء و بنات مخيمنا و لكافة بنات شعبنا الفلسطيني عامة:
 أن يجتهدوا و يثابروا من أجل تكميل الدراسة الجامعية و الحصول على الشهادات العليا في مجالات مختلفة. و نصيحتها أيضا للفتيات أن يتحملن المسؤولية الكبرى في تربية أولادهن من أجل إيجاد جيل يعشق العلم و يتحمل المسؤولية تجاه أهله و مجتمعه و وطنه فلسطين.
أطلب من الإخوة الأطباء القدامى و الأوائل في مخيمنا أن يعذروني على إختياري لكتابة مسيرة أخت من أخواتنا الكرام, إن شاء الله سنكتب عن عدد من الأطباء القدامى لدى الحصول على المعلومات و الوثائق الكافية عنهم, فمنهم من إتصلت به عدة مرات, نرجو من ألأخوة الأطباء القدامي أن يتصلوا بي عبر الماسينجر على صفحة المخيم في الفيس بوك كي أتحدث معم و أوثق حياتهم العلمية و الطبية. الحقيقية أنني أحاول جهدي أن أكون عادلا و منصفا في ذكر إخوتنا و أخواتنا, و لكني بحاجة إلى تعاون من الجميع للحصول على المعلومات و توثيقها من عدة مصادر.
أخيرا و ليس آخرا, أطلب المعذرة من الذين لم أذكر أسماءهم, لأنه ليس لدي علم بكفاءاتهم العلمية.

فطالب العلم هو في غالب الأمر يحتاج إلى تخطيط و إدارة و توجيه و منهج و كتاب و معلم, و المعلم وحده يقع عليه عبء هذا كله, فتحيتنا لكل أساتذتنا الكرام الذين قدموا لنا التوجيه و التربية و التعليم. اللهم إرحم و اغفر لمن غادر منهم الحياة الدنيا, و ندعوا لمن تقاعد منهم بطول العمر و الصحة الجيدة, و لمن بقي يجاهد في مسيرة التعليم التوفيق و النجاح.
 إذا أردنا العودة إلى وطننا فلسطين, علينا أن نهتم بتربية أبناءنا و بناتنا و مساعدتهم على تحصيل العلوم النافعة, فالنصر يحتم علينا أن نتعلم كي نقضي على الجهل و الهوى و التسلط و الفساد, علينا أن نتسلح بسلاح العلم كما علمنا أستاذنا و مذيرنا يوسف القط رحمه الله. إذن فلنرفع شعارنا عاليا: سلاحنا الإيمان و العلم فبدونهما يبطل كل سلاح, و ليس الإيمان و العلم بالتمني و لكن ما وقر في القلب و صدقه العمل. و لا ننسى أن نركز على الأخلاق الحميدة و التعاون و رص الصفوف فهي من لوازم الإيمان بحقنا للعودة إلى وطننا الأم فلسطين.
العلم هو السلاح الفكري للإنسان بجوار العدة الروحية و الأخلاقية, و هذا ما ذكره الدكتور محمد عطوات في كلماته المشهورة أن العلم مع الأخلاق الجيدة تؤدي بالأمم إلى الرقي و التقدم.  

نفتخر و نعتز بإبنة مخيمنا البار الطبيبة أمينة ربيع وكال, و نفتخر بوالدها و والدتها اللذان قدما كل ما يملكون لتربية أبنائهم و بناتهم و تعليمهمو و نفتخر بإخوتها و أخواتهت جميعا فكلهم مثال للأخلاق الحميدة.
نعتز أيضا بأهالي قرية الحسينية في فلسطين و بكل أهالنا من المغاربة و بكل أهالي مخيم برج الشمالي المحترمين.
إلى كل الأطباء و الطبيبات و الممرضين و الممرضات و العاملين في مجال الصحة, لكم منا أجمل تحية و إحترام.
دمتم ذخرا للأجيال علما و ثقافة و تضحية
إلى الأمام يا شعبنا الصامد في طلب العلم و الثقافة
"بقدر الكد تكتسب المعالي و من طلب العلى سهر الليالي"

أوجه الشكر و الإمتنان لكل الإخوة و الأخوات الذين ساهموا في إثراء توثيق مقالة أطباء مخيم برج الشمالي.

بقلم إبن المخيم: د. عبدالإله الحاج معتوق
16 شباط, عام 2021


google-playkhamsatmostaqltradent