recent
أخبار الساخنة

الشيخ أحمد الصديق/أول إمام وخطيب لمخيم برج الشمالي



هو الشيخ أحمد إسماعيل محمد ابراهيم الصديق، ولد في فلسطين عام 1920 في قرية شفا عمرو قضاء حيفا. وعاش في بداية حياته في قرية المجيدل قضاء الناصرة. ودرس علومه الابتدائية في مدرسة المجيدل الرسمية أثناء الانتداب الانجليزي لفلسطين، وحصل على شهادة "مترك"، وعرف منذ بداية حياته بحماسه واندفاع تجاه الدين وكان يعمل مع والده في مزرعة المجيدل، وفي عام 1947 استشهد والده على ايدي اليهود أثناء دفاعه عن المزرعة.

تزوج في فلسطين ورزق بمولود ذكر أسماه ابراهيم، وفي عام 1948 وعلى اثر نكبة فلسطين هاجر الى بلدة عنجر في لبنان، وهناك عمل بالزراعة للحصول على رزق حياته وعياله، ولم يكن آنذاك في بلدة عنجر مسجد، فكان يصعد على صخرة ويؤذن المغرب والعشاء فيجتمع حوله عدد من الرجال الكبار، ويؤمهم في صلاتي المغرب والعشاء، وقد استمر على هذا الحال حوالي أربع سنوات.

وكان الرجال الكبار في عنجر يحبون سماع القرآن منه، لأن صوته كان جميلا جدا. ثم انتقل الى مخيم برج الشمالي في جنوب لبنان، وهناك عمل في تفتيت الصخور والحجارة، وكان يشتري بثلاثة أرباع معاشه كتبا دينية، وأول مشترياته من هذه الكتب: تفسير ابن كثير وتفسير المنار، وصحيحا البخاري ومسلم، وكان يقضي معظم وقته في حفظ القرآن ودراسة الحديث، الى جانب ذلك كان يؤم الناس في الحي الذي يسكن فيه في باحة أمام منزله، ويهتم بتعليم الناس أمور دينهم، ثم اقترح على الناس بناء مسجد، وجمع من كل عائلة ليرة واحدة، وبنى مسجد المخيم القديم من حيطان باطون وسقف زينكو. وفي تلك الفترة استمر في حفظ القرآن حتى تم له ذلك، كما حفظ الكثير من كتب الفقه والحديث.

وقام بانشاء كتّاب لتحفيظ القرآن ودراسة العلم الشرعي في مخيم برج الشمالي، وكان يأتيه طلاب المدارس في الصيف.
كان قائما بشؤون الدين كلها في المخيم من الامامة والخطابة والصلاة على الجنائز وتجهيز الميت وتدريس القرآن والعلم الشرعي، وقد تتلمذ على يديه عدد من الرجال، وكان له فترتان لمجالسة المصلين خلال اليوم. أما في رمضان فكانت دروسه يومية.

وفي عام 1964 اقترح على ولده ابراهيم الذهاب الى الازهر في مصر لدراسة الشريعة، ولكن بسبب اعدام سيد قطب عدل عن ارساله الى الازهر.

وفي نفس العام ترك مخيم برج الشمالي، وذهب الى مخيم الرشيدية حيث تولى الامامة والخطابة في مسجدها (وهو مسجد الايمان حاليا).

وعلى اثر مقتل جلال كعوش على ايدي رجال المكتب الثاني عام 1965 خطب خطبة نارية هدد بعدها من قبل المكتب الثاني.

وحين أنشئت منظمة التحرير الفلسطينية عانم 1965 تولى رئاسة لجنة جمع التبرعات لمنظمة التحرير في مخيم الرشيدية، ولكنه لما رأى القيمين على شأن المنظمة علمانيين ترك العمل في اللجنة واستقال منها ولم يعمل بعد ذلك في المجال السياسي على الاطلاق.

وبقي يعمل في المجال الديني في مخيم الرشيدية حتى عام 1968، ولكنه عمل في مدينة صور مساعد امام للشيخ عبد الله نعمة بسبب مرضه ابتداء من أول تشرين الاول عام 1966.

وبعد وفاة الشيخ عبد الله نعمة عام 1968 عين اماما وخطيبا في مسجد صور القديم ابتداء من أول شهر أيار 1968، وذلك بعد أن اجرى له قاضي صيدا الشرعي الشيخ محمد سليم جلال الدين امتحانا لوظيفة الامامة والخطابة. ولذلك انتقل من مخيم الرشيدية الى صور.

وعلى الرغم من انتقاله الى صور الا انه كانت له انشطة في مخيمات صور من دروس ومحاضرات وخاصة في شهر رمضان، وذلك لحرصه على نشر الوعي الاسلامي بين الناس وتثبيتهم على الحق.

وفي سني امامته في صور كان مسجد صور القديم منبرا للدفاع عن صحابة رسول الله، واما علاقته بالتنظيمات وخصوصا الشيوعية فكانت علاقة صدامات حتى أنه كان يهدد من قبلهم.

واضافة الى عمله كامام وخطيب في مسجد صور القديم، عمل مأذونا شرعيا معتمدا من قبل المحكمة الشرعية وذلك ابتداء من العام 1970 وحتى وفاته.

بقي يسكن في مدينة صور حتى عام 1979 ثم انتقل الى السكن في المعشوق، بعد ان اشترى ارضا وبنى عليها بيتا هناك، ثم ذهب لأداء فريضة الحج عام 1980 أو عام 1981.

عرف بكثرة المطالعة وكان يقضي الساعات الطوال في القراءة، ويداوم على مراجعة القرآن وخاصة بعد صلاة الفجر.
كان يتمنى رؤية أولاده مجتمعين، وفد تحقق له ذلك حين التقى بجميع أبنائه ومنهم المسافرون. وفي نفس العام الذي توفي فيه رأى في منامه أنه سيحدث في اخر السنة شيء كبير ولكنه لم يذكر ذلك، وقبل وفاته بفترة قصيرة أخذ ولده عيسى الى الحاكورة وقال له يا ولدي عندما أموت تدفنونني هنا، هذه وصيتي لكم، ثم أدار ظهره وذهب ونفس الامر فعله مع ولده الشيخ ابراهيم "أبو منير".

ومن كراماته أنه كان يتمنى ان يموت يوم الخميس ويذكر ذلك لمحبيه، ويقول ان شاء الله تقبض روحي يوم الخميس لأن الاعمال ترفع الى الله يوم الخميس. وقد استجاب الله دعاءه، وتوفاه يوم الخميس في 10 تشرين ثاني 1994، ويوم وفاته كان ينجز بعض المعاملات في محكمة صيدا الشرعية، فحصل له تقيؤ، ثم عاد الى صور مع رجل من آل قدورة، وكان طوال الطريق يقرأ القرآن، ولما وصل الى صور، طلب من ذلك الرجل أن يأخذ ما معه من الاوراق الى منزله في المعشوق، ثم صعد بعد ذلك الى عيادة الدكتور قصير، واثناء انتظاره للدخول الى الطبيب توجه الى القبلة ثم قبض الله روحه.

دفن رحمه الله تعالى في نفس اليوم الذي توفي فيه بعد صلاة المغرب في مقبرة المعشوق.

اعداد / فضيلة الشيخ حسن الحج موسى
google-playkhamsatmostaqltradent