تحمل مقابلة مفوض العام للأونروا فيليب لازاريني مع موقع "الهيئة 302 للدفاع عن حقوق اللاجئين"، الكثير من الأبعاد، وتنطق بالعديد من المعطيات التي تستوجب الوقوف عندها، إلا أن البعد الأهم قد يكون إجراء المقابلة بحدّ ذاته.
فطالما كانت الشكوى الأساسية للمراقبين من أداء الأونروا هي عدم الظهور الكافي لمسؤوليها في وسائل إعلام عربية، وامتناع مسؤولين كثر في الوكالة عن إجراء مقابلات، بل وصل الأمر حد التذمر الشديد من غياب الأرقام، وعدم السماح بنشرها، وجاءت المقابلة في نقيض لما سبق.
ويجب القول من أن تغيراً كبيراً طرأ في هذا المجال بالآونة الأخيرة، وهو اعتراف، غير مباشر، من الأونروا بحق الجمهور الفلسطيني في الاطلاع. ويُسجّل للهيئة 302 قدرتها، وربما أسبقيتها، في محاورة هذه المروحة الواسعة من مسؤولي الأونروا.
وقد يرجع ذلك لأسباب كثيرة، لعل من بينها أن هدف "الهيئة 302" منذ انطلاقتها لم يكن التصويب على الأونروا، بل تصحيح المسار ما أمكن، في ظرف تتعرض الوكالة فيه لهجوم مصدره منصات ومؤسسات إسرائيلية وأميركية هدفها تجريد الوكالة من دورها، والتشكيك بأخلاقياتها وعملها، وصولاً لإسقاطها، بما يمثّل اغتيالاً للشاهد الدولي على قضية اللاجئين.
وقد كان المفوض العام صريحاً جداً في هذه النقطة، حين تناول الحملات التي تستهدف الأونروا، فذكر في مقابلته مع "الهيئة 302" يوم الأربعاء 27/1/2021 بأن هناك تحدياً يواجه الأونروا ويتمثل "بمحاولات جهات محددة التشكيك بضرورة استمرار عمل الوكالة وخدماتها، وتشكك في ولاية الوكالة وحياديتها ونزاهتها ودورها في خدمة اللاجئين في ظل غياب حل سياسي لقضيتهم (...) هذه الحملات تستهدف ملف اللاجئين ككل عبر بوابة الأونروا".
هذه العبارات قد تكون استثنائية في صراحتها بالنسبة لمسؤول في وكالة الأونروا. فلأول مرة تأخذ الأونروا صفة الهجوم على تلك الحملات، بل اتهامها بأنها تصدر بدوافع سياسية، وغاية واضحة هي استهداف ملف اللاجئين. وكان المفوض العام من الديبلوماسية بحيث امتنع عن ذكر القوانين التي صدرت بالكونغرس وتستهدف الأونروا واللاجئين معاً.
إن لازريني كمن يريد أن يبعث برسالة إلى اللاجئين الفلسطينيين، عبر "الهيئة 302" التي تحظى بتقدير واسع في صفوفهم، أن الأونروا لديها أخطاء، كما غيرها من الوكالات الدولية، والتقارير الأممية تعترف بذلك، لكن التركيز على الأونروا في هذا المجال هو لأسباب لا علاقة لها بالشفافية، بل بالمؤسسة الدولية التي تحاول حماية حقوق أساسية للاجئين، وفق قرارات صادرة عن أعلى هيئة أممية.
ويتوقع لازاريني من اللاجئين الفلسطينيين، بشكل غير مباشر، أن يبادلوه الحماية بالحماية. وذلك دون شك يتطلب عملاً مشتركاً وحواراً عنوانه حماية الأونروا وتصحيح مسارها. بالإضافة إلى ما تقدّم، تناول المفوض العام للأونروا قضايا مختلفة، وخصوصاً في المجال المالي، كانت من الصراحة ما يدعو إلى ضرورة قراءتها.
خلاصة القول، إن حوار المفوض العام للأونروا فيليب لازاريني مع "الهيئة 302" سابقة في تاريخ العلاقة بين المؤسسات الفلسطينية ووكالة الأونروا، لا بدّ من البناء عليها، لتوسيع الحوار بين اللاجئين الفلسطينيين والأونروا، بما يؤسس لوعي مشترك للمخاطر التي تتهدد الوكالة وقضية اللاجئين.
*إعلامي وكاتب فلسطيني
بيروت في 1/2/2021