recent
أخبار الساخنة

من حقكم ان تستريحوا بقلم : ماهر الصديق

الصفحة الرئيسية



تؤكد الاحصاءات التي اجرتها مؤسسات متخصصة بان الشباب من اعمار 19
الى 29 عاما يشكلون ما نسبته 23% من عدد السكان في الضفة و غزة ، و الشباب
 من 30 الى 45 يشكلون ضعف هذا الرقم . هذا بطبيعة الحال ينطبق على الفلسطينيين
في الشتات و قد تكون النسبة اكثر من ذلك بقليل ، و لهذا يقع على عاتق المؤسسات  
المدنية و المتخصصة التأكد من تلك الارقام . فإذا كانت النسبة الكلية للاعمار الشابة
تزيد على النصف قياسا بعدد السكان فإن هذا الكم الكبير مهمش و لم يعط فرصة
لاظهار قدراته القيادية و لم يتول المناصب التي يستحقها كما هو الحال في الكثير من
البلدان المتطورة . معظم البلدان تداركت هذه الاهمية و سنحت المجال للشباب للانتشار 
 الواسع في المؤسسات التشريعية و الحكومية و الاقتصادية بل و في رئاسة البلاد . يجب على
 العاملين في صيّاغة القوانين في فلسطين الاخذ باعتبار هذه الفئة الحيوية ، التي طالما
كانت في الصفوف الاولى في المواجهات مع العدو ، و هي الفئة المدافعة فعليا عن
ارادة الشعب الفلسطيني ، و المبدعة لادوات الاشتباك و فن القيادة و صناعة القوة .
 لهذا فمن المفيد تحديد النسب العمرية لتسلم المهمات الحكومية من البرلمان و الوزارة
و الرئاسة ما بين 25 الى 75 عاما ، هذا لا يعني بأن اعمار من هم تحت 25 لا يتمتعون
بالملكات القيادية بل لانهم في هذا العمر يكونون في إطار التحصيل العلمي و المعرفي ، و اما
من هم فوق عمر 75 فإن لهم الحق بالراحة و السكينة ، لانهم في خريف العمر و يحتاجون
للكثير من الرعاية الصحية و النفسية ، و هم بحاجة ايضا للهدوء و المراجعات ، و يمكنهم
افادة مجتمعاتهم بآرائهم القيمة و تجاربهم الغنية ، و مراجعة ما قدموه و اظهار ما كان سلبيا
منه او ايجابيا حتى تستفيد منه القيادات الجديدة ، و لا تقع في الاخطاء التي وقعوا بها . 
انه من العبث الابقاء على المعسكر القديم الذي وقع في الكثير من العثرات . و من العيب
ايضا ان نترك الفئة المبدعة و الخلاقة في الظل و على هامش المجتمعات و المؤسسات 
القيادية و هي التي تمتلك القدرة على الابتكار و المناورة و استغلال الفرص و النهوض
بالمجتمعات بدمائها الحية و القوية و عقولها المتفتحة و المرنة . ان من حق المناضلين
القدماء ان يتم تكريمهم و ابقائهم في مواقع شرفية ، و تقديم كل العون لهم حتى يعيشوا
بقية حياتهم بكرامة و سعادة ، و من واجبهم ان يتنحوا و يفسحوا المجال للدماء الشابة
حتى يجربوا ابداعاتهم و قدراتهم في هذا الصراع المرير مع العدو الصهيوني المجرم .
من القصص الطريفة التي اوردها الابشيري في كتابة الرائع المستطرف في كل فن مستظرف
هذه القصة : " لما أفضت الخلافة إلى عمر بن عبد العزيز أتته الوفود فإذا فيهم وفد
 الحجاز ، فنظر إلى صبي صغير السن أراد أن يتكلم فقال : ليتكلم من هو أسن منك
 فإنه أحق بالكلام منك . فقال الصبي : يا امير المؤمنين لو كان الامر كما تقول لكان في 
مجلسك هذا من هو أحق به منك ، قال : صدقت فتكلم فقال يا أمير المؤمنين إنا قدمنا
عليك من بلد تحمد االله الذي من علينا بك ما قدمنا عليك رغبة منا ولا رهبة منك ، أما عدم
 الرغبة فقد امنا بك في منازلنا ، وأما عدم الرهبة فقد أمنا جورك بعدلك فنحن وفد الشكر
 والسلام . فقال له عمر رحمه الله تعالى : عظني يا غلام ، فقال : يا أمير المؤمنين إن 
  أناسا غرهم حلم االله وثناء الناس عليهم ، فلا تكن ممن يغره حلم االله وثناء الناس عليه
 فتزل قدمك ، وتكون من الذين قال االله فيهم : ( ولا تكونوا كالذين قالوا سمعنا و هم لا
 يسمعون ) . فنظر عمر في سن الغلام فإذا له اثنتا عشرة سنة فأنشدهم عمر رحمه الله :
 تعلم فليس المرء يولد عالما ... وليس أخو علم كمن هو جاهل
فإن كبير القوم لا علم عنده ... صغير إذا التفت عليه المحافل

ماهر الصديق       

google-playkhamsatmostaqltradent