recent
أخبار الساخنة

- المتقاعدون طاقة خلَّاقة ومبدعة-

الصفحة الرئيسية


لا شك أن موضوع المتقاعدين في إطار منظمة التحرير الفلسطينية هو موضوع مُستجد وقد تكرَّس كشريحة لها تكوينها، وهيكليتها، ونظامها المالي والإداري بعد تشكيل السلطة الوطنية، إثر التوقيع على إتفاق أوسلو، وقبل ذلك لم يكن هناك شريحة اسمها المتقاعدون، وإنما كانت هناك الشرائح التالية؛ المقاتلون المفرغون في الحركة أو في منظمة التحرير الفلسطينية، وشريحة الأسرى، وشريحة الجرحى، ومؤسسة الشؤون الاجتماعية المعنية بالشهداء وأسرهم.
فالتقاعد لم يكن ضمن النظام بشكل رسمي، والمقاتل أو الكادر كان يواصل ممارسة دوره وعمله كالمعتاد في قاعدته أو مكتبه، أو أي مجال آخر، وعندما يعجز يُخفَّفُ عنه العبء والمشقة، ويكتفي زملاؤه بمشاهدته اليومية مع أقلِّ جهد، ويبقى راتبه مستمراً.
أمَّا في الواقع الجديد، فإن التقاعد حق مٌكتسب، وأحياناً يُطلب التقاعد المبكر سواء من المسؤول، أو بطلب من العضو نفسه إذا سُمِحَ له، ولا تعود هناك أية علاقة إلاَّ الحصول على الحقوق المكتسبة وهي الراتب، والضمان الصحي.
والمفهوم العام لدى بعض المتقاعدين هو أنه ليس المطلوب منه القيام بأي واجب، إلا إذا كان هناك مجالات في تأدية التعزية أو التهنئة. وهذا ما يؤدي إلى البعد عن الآخرين، والانزواء.
وهذا التشخيص يتفاوت بعض الأحيان من ساحة إلى ساحة أخرى، أو من إقليم إلى إقليم آخر، أو من منطقة إلى منطقة أخرى، وبناء على ذلك فإنني أقترح بعض الاقتراحات العملية التي تحافظ على القيمة النضالية التاريخية لهذا الضابط، أو هذا الكادر التنظيمي، واستثمارها وطنياً واجتماعياً.
وبداية أُسجِّل إيجابياً ما شاهدتُه في رام الله من جهد إيجابي في غالبية أيام الأسبوع حتى أَنَّ هناك ثلاثة طوابق، في كل طابق من هذا المبنى يتواجد قسم من المتقاعدين وبشكل شبه يومي، ويقود الجلسة ضابط متمكِّن سياسياً وتنظيمياً، وتبدأ الجلسة، وأنا شخصياً حضرت جلسة مع الأخوة المتقاعدين في الطابق العلوي كان يقودها الأخ علاء الدين حسني، صباحاً، وتستمر أكثر من ثلاث ساعات، وكنت أعرفه من خلال الساحة اللبنانية وكانت الجلسة قيِّمة وممتعة ثقافياً وسياسياً. 
والنقاش والحوار في هذه الجلسات يكون مثمراً وايجابياً، ويستعرض مسيرة الحركة، والتطورات الجديدة، وما هو المتوقَّع، وبالتالي الاتفاق على وجهات نظر مشتركة بين كوادر وضباط الحركة، وهذه الآراء السليمة والمتفق عليها تنعكس على الأُسر والعائلات والأصدقاء وتؤدي إلى صداقة حميمة وتجانس فكري.
وأنا أتمنى من الأخوة المتقاعدين في لبنان أن يكون لديهم برنامج تواصل عملي دائم على أرض الواقع، يُطوِّر ويفعِّل العلاقات الداخلية، وأيضا مع البيئة الحاضنة، وخاصةً بيئة المخيمات، وانطلاقاً من أن المتقاعدين هم شريحة وطنية ذات تجربة ثورية ونضالية طويلة، فهم قادرون من خلال هذه التجارب القيِّمة أن يُحدثوا متغيِّرات إصلاحية وتطويرية، ومعالجات عملية مؤثرة من خلال الزيارات واللقاءات المتعاقبة والمنظمة، في إطار برنامج تعبوي فكري إصلاحي وتوجيهي لأهم اللجان والهيئات في المجتمع وخاصة: اللقاءات مع قيادات وكوادر الحركة في المنطقة وفي الشعب، ثم اللقاء مع الروابط واللجان الاجتماعية ومحاورتها، والتوصل إلى قواسم مشتركة لإصلاح شؤون المجتمع، وتنظيم العلاقات الداخلية، وإيجاد أُسس للشراكة قي إدارة شؤون المخيمات، وخاصة القضايا الحيوية التي تفرض نفسها على الجميع ومنها: 
كيفية التعاطي مع القضايا الأمنية والمخالفات التي نجدها دائماً، وكيفية التغلُّب عليها، وأيضاً الاستعانة بخبراتهم وتجاربهم الطويلة والناضجة، والتي تبلورت عبر عمر هذه الثورة الرائدة، ومسيرتها الغنية بالتجارب، وكيفية التعاطي مع الأزمات والتعقيدات. وتقديم دراسات وأبحاث نابعة من خبرتهم الوطنية وإقامة ورشات عمل حولها من الجهات المعنية.
الأخوة المتقاعدون هم طاقة فلسطينية وطنية ذات خبرة يجب تفعيلها، وإعطاؤها المجال الرحب لترجمة تجاربها الطويلة لخدمة المجتمع والثورة.
وأتمنى لو كانت هناك لجنة مختصة وقادرة على التوثيق لدعوة الكوادر والقيادة لسرد ما عندهم من معلومات وخلاصات تجارب، أمام أعضاء من حركة فتح سواء أكانوا طلاباً، أو أخوات، أو عمالاً، أو ضباطاً، ثم الاستماع إلى أسئلتهم والإجابة عليها، وبالتالي الاستفادة من مضمون هذه المحاضرات والأفكار المطروحة، واعتبارها مادة فكرية للحفاظ والتوثيق تخدم الأجيال الحاضرة والقادمة.
إذا استطعنا أن نطبِّق مثل هذه البرامج الفكرية الحركية نكون قد احترمنا التاريخ النضالي للمتقاعدين، وأيضاً حققنا عملية التواصل بين الأجيال المتعاقبة في مسيرة الثورة.
الحاج رفعت شناعة
عضو المجلس الثوري
 4/12/2020
google-playkhamsatmostaqltradent