recent
أخبار الساخنة

ما قيمة هذه الدويلة على المستويين العربي و الاقليمي ؟ ‏بقلم ‏ماهر ‏الصديق

الصفحة الرئيسية


حشرت انفها بكل صغيرة و كبيرة ، تدخلت في شؤون الدول العربية و الاسلامية ،
تآمرت لاسقاط الثورات العربية و لتكريس الدكتاتوريات و الأنظمة المستبدة . ادخلت
كل اصناف الفجور و الرذيلة الى بلاد العرب . عملت على تسويق الفساد و الانحلال
في بلادها ، أقامت المعابد الوثنية و الكنائس و الكنس ، و معابد للزنادقة من المجوس و 
البهائية و الاسماعيلية و القديانية . ثم توجت كل ذلك بالخيانة لقضية الامة الكبرى من خلال 
توقيع معاهدة التطبيع مع كيان الاحتلال . لماذا احتفى اليهود و معهم الامريكان و الاوروبيين
بهذه المعاهدة و ما قيمة تلك المعاهدة مع دويلة بلا قيمة حقيقية اصلا ؟! دويلة صغيرة
تكونت في اواخر عام 1971 من سبعة امارات بدوية متخلفة ، ما كان لها ان تعيش يوما
واحدا لو لم يكن باطن ارضها يحتوي على كميات من الذهب الاسود وهبه الله تعالى لهذه
الامة فعبث به العابثون . مستوى التعليم العام كان متدنيا حين نشوء الدولة و لا يزال ،
فلقد كان اجدادهم منهمكون بالقرصنة و الرعي و صيد البر و البحر ، و لم يكن لديهم
اي اعتناء بالتعليم و لا بالانتقال من حياة البادية الى المدنية الا بعد تكوين الدويلة ، و كان
ذلك من خلال الوافدين العرب و غير العرب . فإذا كان عدد السكان قد تجاوز تسعة ملايين
نسمة الا ان السكان الاصليين لا يتجاوزون مليونا واحد و ان ما نسبته 25 بالمئة من عدد
السكان هم من الهنود و حوالي 60 بالمئة من جنسيات اسيوية و اوروبية . فهذه الدويلة
القبلية المتخلفة ارادت ان تتطور عمرانيا و سياسيا باوقات قياسية و ليس كما تتطور
البلدان تطورا حقيقيا يقوم على العلم و الصناعة و التجارة و العمران ، و يقوم على
بناء النظام السياسي الديمقراطي و اقامة مؤسسات للدولة لا تعمل من اجل العائلة و المال 
بل من اجل نهضة الوطن و الانتقال الى حال من التقدم في كافة المجالات و على رأسها
الصناعية و العلمية و بناء الانسان العامل و المبدع . ارتفعت الابنية و المرافق و المؤسسات
باليد العاملة و الكفاءات الوافدة و بقي حال المواطن الاصلي هو حال الفرد من اعضاء القبيلة
الذي يقدم الطاعة و الولاء لولاة الامور و التصديق و القبول على افعالهم مهما كانت شائنة
او قبيحة او تخالف العقيدة و الاعراف و التقاليد . فنحن امام دولة غير طبيعية في كل شؤونها
و بالتالي غير طبيعية في سياساتها العربية و الاقليمية . و لهذا فانها قامت باعمال اكبر من
حجمها المعنوي و السياسي و التاريخي . لقد ظهر خطرها الحقيقي بعد انطلاق ثورات الشعوب
العربية فوقفت خلف الثورات المضادة بكل قوة و قدمت المليارات و كل اشكال الدعم اللوجستي 
و العسكري للانقلابيين و العلمانيين و حماة الاستبداد و الدكتاتورية في كل قطر عربي .
كل هذا حرصا منها على منع تحقيق الحريات و الديمقراطية في بلاد العرب بل و في البلاد
الاسلامية ، و تدخلت مباشرة في بعض البلدان خصوصا في اليمن حيث دمرت و شردت 
و قتلت مئات الالاف من شعبها . و تآمرت هذه الدويلة التي لا يعيرها الاخرون اي اهتمام
على الدول الاقليمية الكبرى ، و بعثت مخبرين و مأجورين للتجسس و اقتناص العملاء
و القيام باعمال تخريب و ذلك من خلال استخدام اموال البلاد في الكيد للعرب و المسلمين
بدل استخدامها في النهضة الحقيقية في بناء المصانع و المؤسسات الانتاجية . ان دولة
الامارات دولة استهلاكية خالصة لا تصنع حتى قلم حبر و لا عقال يضعونه على رؤوسهم !
و لكن بالعودة الى السؤال الاساسي : ما قيمة هذه الدويلة على المستويين العربي و الاقليمي
و لماذا احتفل كيان الاحتلال بالاتفاق الذي ابرم معها و لماذا اعتبر ترامب انه حقق انتصارا
في رعايته للمعاهدة مع علمه المسبق انها دولة هامشية ؟ ان ترامب في اكثر من مناسبة
قال عن تلك الدويلات بما فيها الدولة السعودية انها لا يمكن ان تستمر لولا الدعم الامريكي ،
و قال بكل عنجهية و وقاحة : عليكم ان تدفعوا الاموال مقابل حمايتنا لكم ! فهل اكتشف ترامب
قيمة لم يكن يعرفها عن دول الخليج ؟ الحقيقة انه لم يكتشف شيئا و لم يتغير اي شئ في 
نظرته لتلك البلاد . هو يعرف من خلال وكالة استخباراته و تقارير سفاراته انها دول ضعيفة
و متخلفة ، و انها تعتمد كليا على حماية الامريكان و الغرب و الصهاينة ، لكنه اراد ان يحقق
مكسبان من هذه الاتفاقية : المصلحة الصهيونية و المصلحة الذاتية حيث ستساهم هذه المعاهدة
بخدمة اهداف ترامب الانتخابية . في المصلحة الصهيونية يعلم ترامب قبل غيره ان الامارات
ليس لها حدود مع كيان الاحتلال كلبنان و سوريا و لا تمثل خطرا عسكريا آنيا و لا مستقبليا
عليه ، الا ان ما يريده هو الاختراق الصهيوني لواقع الامة . فكامب ديفيد ووادي عربة
و معهما اوسلو لم يحققوا سلاما حقيقيا مع العرب ، فما زال الشعب المصري يعتبر كيان
الاحتلال كيانا معاديا بالرغم من سياسة النظام و كذلك حال الشعبين الاردني و الفلسطيني .
و بالرغم من مرور عشرات السنين على الاتفاقيات الا ان تلك الشعوب لم تغن للصهاينة
و تتراقص و ترفع الاعلام الصهيونية كما فعل بعض الاماراتيين و البحرانيين و الخليجيين
بينما حبر الاتفاق لم يجف بعد . اذن هي عملية اختراق اجتماعية و ثقافية بالاضافة للمكاسب
التجسسية و التجارية . و من ناحية القيمة الاقليمية فإن الامارات ليست نووية كباكستان
و لا صناعية كتركيا و لا متقدمة كاندونيسيا و ماليزيا ، و من غير المتوقع تقدمها على المدى
المنظور لانها لا تجتهد في ذلك اصلا و هي و معها دول الخليج تعتمد على الموارد الطبيعية 
و سوقها المحلي استهلاكي ، فلماذا يرفع من قدرها و يهتم بالاتفاق معها لولا المصالح و الاطماع
الصهيونية باختراق الامة من ابوابها الخلفية . ان الاتفاق مصلحة صهيونية خالصة و عملية
طعن في الخاصرة العربية و خيانة مؤكدة للقضية الفلسطينية ، و ان كانت في معاييرها الفعلية
لا تشكل خطرا على حركة النضال الوطني العربي و الفلسطيني ، فهذا النضال في حركة
مستمرة رغم كل العراقيل و لا يمكن وقف كفاح الشعب الفلسطيني قبل تحرير ارضة ، فامر
الشعب الفلسطيني ليس بيد الموقعين بل يتحكم به اصبع ممسك بالزناد و متشبث به . ان حركة
نضال الشعب الفلسطيني طويلة و مضنية و قاسية و اليمة و لكن لا تراجع عنها لان التراجع
يعني الالغاء و هو امر غير وارد في قاموس النضال الفلسطيني اطلاقا . 

ماهر الصديق

   

google-playkhamsatmostaqltradent