recent
أخبار الساخنة

عقول تفكر بالمقلوب ‏بقلم:ماهر ‏الصديق

الصفحة الرئيسية


الانسان السوي اذا فكر في المصالح اول ما يفكر بمصلحته الخاصة ثم بمصلحة
الاقرب فالاقرب . هذا اذا طوينا جانبا العلاقات القائمة على العقيدة و الانسانية
و الانتصار للمظلوم اينما كان و من اية فئة كان . الانسان الطبيعي الذي لم تلوثه
السياسة و العلاقات السياسية المبنية على الخديعة ، و الذي لا يقدم المال و الوجاهة
و السلطة على الاخلاق و الفضيلة ، يرفض بيع الاهل و الاوطان مقابل اي شيئ .
قصار النظر ينظرون الى المصالح الآنية التي تأتيهم من وراء الحدود على انها
ضمانة دائمة لاشخاصهم و لعوائلهم و للمزارع الخاصة التي يسمونها اوطان .
هذا بالضبط ما اعتقدة قصار النظر من امراء الطوائف في الاندلس ، فأقام كل
متخلف منهم مملكة حكمها بالحديد و النار و تعاون مع الاعداء القشتاليين على
اخوته " المتخلفين ايضا " ظنا منه انه في مأمن و أنه في ضمانة هذا المتوحش
الطامع في كل تلك الممالك ، فما كان من القشتاليين الا ان يستعملوا كل مملكة
في الحرب على اختها حتى ابتلعوا كل الممالك ثم اطبقوا على غرناطة و قضوا 
على الوجود الاسلامي كليا في الاندلس . ان العقل السليم يعرف ان المصلحة الخاصة
متلازمة مع المصالح العامة و لا تنفصل عنها اطلاقا ، و أية ثغرة تضر في مصالح
العامة يقع ضررها على المصالح الخاصة بشكل كبير ، قد لا يكون ذلك واضحا
للبعض لان تفكيرهم منغلق او محدود و لا يرون الا ما تحت أقدامهم . الامة جسم
واحد و اي خلل يقع على طرف من الجسم سيؤثر بالضرورة على باقي الجسم .
قال رسولنا الكريم عليه الصلاة و السلام :" مثل المؤمنين في توادهم و تراحمهم
كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له بقية الاعضاء بالسهر و الحمى ".
وقال ربنا عزوجل : " إن هذه امتكم امة واحدة و أنا ربكم فاعبدون " ، فإن تفككت
الوحدة الجغرافية و السياسية كان يجب ان لا تتفكك الوحدة النفسية ، و ان لا يغيب
الشعور المعنوي و العقدي و هو الباقي اليتيم في الوجود القومي العربي في هذه الاونة !
فهذا الذي يتحدث عن القضية الفلسطينية بانها ليست قضيته ، و ان المقدسات في 
فلسطين لا تعنيه ، بل و يقلب الحقوق فيجعل من يحتل لاجزاء من الوطن العربي ،
و من يدنس اقدس مقدسات المسلمين هو صاحب الحق و انه معتدى عليه من قبل
العرب الفلسطينيين ! ان من يفعل ذلك جاهل بالتاريخ و بالدين و يحتاج لاعادة 
تأهيل عقلي و عقدي . قد تكون هذه سابقة ليس لها مثيلا في التاريخ البشري ، عندما
يتنكر الوضيع الجبان لحق قدم الصحابة و التابعين و العظماء في هذه الامة دمائهم
في سبيله . ففلسطين التي تحتضن قبور الصحابة و العلماء لا تحتاج لمن يبين لها
هويتها العربية و الاسلامية . ان علماء التاريخ و الاثار و اللغات قد بينوا هذه الحقيقة
و هم ليسوا عربا و لا مسلمين ، فالوجود العربي في ارض فلسطين سبق كل وجود ،
و الوجود الاسلامي منذ الفتح الذي بدأ عام 634 و استُكمل مع تسلم خليفة المسلمين
عمر بن الخطاب رضي الله عنه مفاتيح القدس في نيسان عام 637 ميلادي . هذه
حقيقة موثقة لا ينكرها الا كل منسلخ عن اصله ، هذا لو افترضنا بان اصولهم عربية !
ان الخطر الصهيوني لا يستهدف فلسطين و شعبها فحسب ، انه خطر على الامة
باسرها و خطر على الانسانية جمعاء و لو فكر المطبعون باستقامة و بقلب و عقل
سليمين لما احتاجوا لكثير من العناء حتى يعرفوا هذه الحقيقة ، حتى ان بعض اليهود
ممن يفهموا حقيقة الصهيونية يرونها خطرا على قومهم قبل ان تكون خطرا على 
البشرية . لهذا فإن المطبعين هم اكثر صهينة من الصهاينة و اكثر تهودا من اليهود !
ان مجتمعاتهم ستكون عرضة للافساد ، و بلادهم ستكون اكثر تبعية في الجوانب
الاقتصادية و السياسية و الثقافية و حتى الاجتماعية ، و ربما يدركوا الخطر بعد فوات
الاوان . اما هذا الشعب المكافح فهو شعب مرابط ، فإن تأثر بما يجري حوله من
انهيارات اخلاقية ووطنية الا انه ماض في جهاده و لن يتوقف قبل ان يحقق كل
الحقوق التاريخية . انه لن يتخلى عن تراث الصحابة و لا عن قبورهم ، و لن
يتخلى عن عهدة الخليفة عمر مهما كانت التضحيات ، و ان غدا لناظره قريب .

ماهر الصديق 
      



google-playkhamsatmostaqltradent