ليس هناك ما يدعو للتعجب من عملية التطبيع التي قام بها حكام ابو ظبي .
كل تصرفاتهم خلال العقدين الاخيرين كانت في هذا الاتجاه ، بل ربما ما
خفي منهم و من دول الخليج كان اعظم و ادهى . يمكننا القول بان
المطبعين يقومون بمهمتهم الطبيعية الموكلة اليهم من قبل امريكا و كيان
الاحتلال و من فوقهما المنظمات الماسونية و ذلك نظير حماية انظمتهم
من الشعوب و من الحركات الوطنية التي تدعو لحرية اختيار الحاكم .
إن ما حصل في حقيقته لا يعدو كونه تتويج لعلاقات سرية و علنية منذ نشوء
هذه الدويلة الهزيلة . كانت الاتصالات في السابق تأخذ أشكالا مختلفة و تحت
عناوين خادعة : مكاتب تجارية أو مناسبات ثقافية أو رياضية أو غير ذلك .
كان التطبيع قائما على قدم و ساق بلا ضجيج . لكن العجب في السيناريو الاخير
كان في الاخراج الموغل في الحماقة ، و ذلك عندما تم ربط التطبيع باعمال الضم و
القضم التي يقوم بها العدو الصهيوني ، و هذا أسوأ ما في الأمر ! فإذا كان الخائن
يريد أن يمارس خيانته بالعلن فلا داعي لتغليفها بغلاف وطني و قومي و حرص
كاذب على القضية ، حتى يخادع البسطاء و يبين لهم بأن الخيانة كانت عملا
وطنيا بحتا ، و أنه قام بهذا و قدم تلك " التضحية " حتى يحافظ على القضية
الفلسطينية و على استمرار عملية " السلام " و ليمنع ضم بعض أراضي الضفة .
يريد الصعلوك الذي لا يعبره احد على وجه البسيطة أن يتعملق ، مع كل ما فيه من
الضآلة و الهزالة و الانحطاط . ما قيمة هذه الدويلة و ما هو وزنها الاقليمي و الدولي ؟
ان حجمهم معروف للقاصي و الداني ؟ أنهم " لا شئ" في كل المقاييس ، اللهم الا
بالمال الذي ياتيهم بلا جهد و لا تفكير ، انه رزق في باطن الارض وهبه الله
عز وجل لهذه الامة فنهبوه و صرفوه في مجونهم و لهوهم و اغراضهم الخاصة ،
و استخدموه لتدمير الامة و لخدمة اهداف اعدائها . و لولا هذا الرزق لكانوا على
بداوتهم حفاة عراة رعاة ابل و قطاع طرق و لصوص ليل يسطون على من حاذاهم
من القبائل الضعيفة . هكذا كان اجدادكم قبل و بعد الإسلام . كانوا يعملون لمصلحة
كل مارق زنديق . حتى قوافل الحجيج لم تكن تسلم منهم ، فكانوا يقطعون طرق
الحجيج خدمة للقرامطة ، يقتلون الرجال و يسبون النساء المسلمات و يبيعون
اطفالهم في اسواق النخاسة . هذه حقيقتهم و هذا تاريخهم الاسود ، و بعد ان اغناهم
الله من عوزهم و تخلفهم ، اول شيئ قاموا به هو خيانة الدولة الاسلامية ، فكانوا
ينفذون اوامر الضباط الانكليز ، و يكمنون للجنود العثمانيين فيقتلونهم ، حتى ذكر
بعض الباحثين انهم كانوا يقتلون الجندي المسلم ليسرقوا نعاله و بدلته ! ثم كفروا
بالنعمة و استخدموا الأموال لمصالح الانقلابيين و لتأجيج الفتن و زرع الدمار و
و حماية حكومات الاستبداد والحؤول دون قيام التغيير في هذه الأمة . نحن نسأل
ماذا فعلت أموالكم التي دفعتموها لجماعات تنفذ مخططاتكم في فلسطين و في
غيرها من بلاد العرب . ماذا فعلت أموالكم في مصر و اليمن و ليبيا و تركيا
و في كل بلد عربي و إسلامي ؟ ان كل قتيل في هذه البلاد لكم في دمه نصيب،
و كل مشرد و معذب و مفقود و معتقل لكم في معاناته و آلامه يد . و انتم بعد
مسؤولون عن اعادة الاوثان إلى جزيرة العرب ، فاقمتم معابد لليهود و
الهندوس و البوذيين و الاسماعيليين ، و مؤسسات للماسونية و لكل مخابرات
تتربص بهذه الامة . و بعد كل هذا تتحدثون عن حرصكم على القضية الفلسطينية
و على القضايا القومية للامة ! إن كنتم تريدون تقديم خدمة انتخابية لترامب
كونه يحمي عروشكم و امتيازاتكم ، فهذا شأنكم و لن تضروا قضيتنا في شئ
لان قضيتنا صامدة بعون الله و من ثم بإرادة شعبها الجبار و بدعم الشرفاء
في هذه الامة بمن فيهم اشقاؤنا من ابناء الامارات ، بل و بدعم كل شريف
في هذا العالم . لقد اعترف ترامب بيهودية دولة الاحتلال و بالقدس
عاصمة للكيان الغاصب و نقل سفارته للقدس ، كل هذا لم يغير في الحقيقة
الساطعة بان فلسطين للعرب و ستبقى و ستعود محررة حتى لو خانت كل
انظمة العرب . اياكم ان تقحموا أعدل قضية في خيانتكم ، فهذه القضية
لفظت الخونة في الماضي و ستلفظهم في الحاضر و المستقبل . و اقول
من جديد على السلطة ان تنحاز لقضيتها و تحسم امرها بشأن اوسلو ، لان
اوسلو يمثل النموذج الذي يختبئ خلفه كل مطبع خائن لوطنه و عقيدته و امته .
انهم يتلطون خلف اوسلو و يبررون خياناتهم ، و يقولون إذا كان اصحاب القضية عقدوا
اتفاقيات و عملوا التنسيق الامني و يجتمعون مع قادة و ضباط الاحتلال فلماذا يلوموننا ؟!
يجب ان ننتزع هذه الورقة من ايديهم ، لا سيما و ان اوسلو لم تحقق لنا الدولة المستقلة
على اراضي 67 ، لا بل يتم ابتلاع اراضينا و مقدساتنا ، و يقتلون منا في كل يوم و
يهدمون المنازل و يعتقلون الالاف من ابناء شعبنا ، و نحن في حال " السلام" كما
تدعون . فليمت اتفاق اوسلو الى غير رجعة ، و لتمت كل اتفاقيات العار التي
وقعها حكام العرب من كامب ديفيد ووادي عربة الى اتفاق بن زايد - نتنياهو .