recent
أخبار الساخنة

بعض الأفكار التي قد تساعد في الحد من انتشار فيروس كورونا في مخيماتنا الفلسطينية في لبنان






يبدوا ان فيروس كورونا المستجد اصبح يفتك بمخيماتنا الفلسطينية في لبنان بقوة اكبر. هذا ليس بالمستغرب فهذا وباء عالمي ومخيماتنا جزء من هذا العالم الذي انتشر الفيروس في كافة ارجائه والذي فتك بأقوى الدول اقتصاديا وعلميا ولم تسلم من شره اي دولة. ولكن تاثير هذا الفيروس على المخيمات الفلسطينية في لبنان وغيرها قد يكون اشد بكثير من مناطق اخرى في العالم وذلك لعدة اسباب لايتسع المجال هنا لذكرها.
اهلنا في المخيمات والتجمعات الفلسطينية في لبنان ومنذ فترة طويلة يعانون من ازمات ومنها الازمة الاقتصادية وخاصة مؤخرا. في تقرير مكتوب منذ بضعة ايام، كاتبوه هم خبراء في منظمة ESCWA، يكتب من اعدوا التقرير ان نصف سكان لبنان هم تحت خط الفقر. مقارنة بذلك هذا يعني ان من سكان مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في لبنان ممن هم دون خط الفقر اكثر من ٥٠% بكثير.
الوقاية من هذا الفيروس تتطلب كمامات، قفازات، معقمات للايدي، وكذلك اقفال لبعض المحلات والاسواق وبعض مصادر الرزق. هذا طبعا اضافة للتباعد الجسدي (عدم الخروج من المنزل الا للضرورة، عدم التصافح والتقبيل والعناق خارج لمن هم ليس من المنزل؛ مسفة مترين بين الشخص والشخص الآخر من غير اهل البيت؛ عدم اقامة الافراح وعدم الذهاب الى العزاء شخصيا والاكتفاء بالاتصال؛ عدم زيارة المرضى والزيارات بين الناس وغيرها من امور الوقاية المعروفة للكثير). الكثير من اللاجئيين الفلسطينيين لا يمكنه الحصول على عمل في لبنان والكثير ايضا يعملون كمياومين في مهن يتلقون منها القليل من المال. هذا يعني ان اليوم الذي لايعملون فيه لامدخول مادي لديهم البتة وقد يعني هذا انه لايوجد طعام للاطفال واذا وجد فهو طعام فقط لإسكات الجوع قليلا لا يقوي المناعة التي يحتاجها الجسد لدفع الفيروسات عنه ومقاومتها والشفاء بوقت اسرع ان تعرض للاصابة. 
الأونروا عليها مسؤولية كبيرة لتقديم الدعم ولكن لايمكن التعويل عليها حاليا لبطئها في اتخاذ القرار ولانها تعاني من ازمة اقتصادية هي الاخرى اضافة الى ازماتها الاخرى المتعددة والمزمنة. لذا التكافل والتنسيق بين فعاليات المجتمع الفلسطيني السياسية والاجتماعية والهيئات الخيرية والانسانية والطبية هو الاساس في هذا الوقت الصعب. الشعب يحتاج الى طعام لسد رمقه ولكنه يحتاج كذلك الى الكثير من مقومات الصمود والتصدي للفيروس ولابطاء انتشاره قدر ما امكن ومنهم الآتي:
١- كمامات طبية قادرة على الوقاية من الفيروس (اذا استعملها الشخص بطريقة صحيحة وطريقة التخلص منها وعدم استعمالها لاكثر من ساعتين) وقفازات بكمية كبيرة توزع على كل بيوت اللاجئين. الحالة المادية للاجئ الفلسطيني لاتسمح له بشراء هذا على المطلق وخاصة لمن هم دون خط الفقر. التنظيمات عليها مسؤولية في شراء وتوزيع هكذا حاجات والتنسيق بينها لانه لن يستطيع اي تنظيم سياسي واحد لوحده ان يؤمن على الاقل كمامتين يوميا وقفازات ومعقم لليدين لكل فرد يخرج للعمل او شراء الحاجيات لما في ذلك من الضغط المادي الرهيب على اي تنظيم وخاصة ان جميع تنظيماتنا السياسية الفلسطينية عليها قيود وتحارب عالميا في كل المجالات. 
٢- ارسال منشور مكتوب بطريقة مبسطة وقصير يفهمه الجميع لكل بيت من بيوت المخيم عن الارشادات الصحية وكذلك الاجراءات الفردية التي ينبغي على كل فرد ان يتبعها للوقاية من المرض واذا اصيب اي شخص بالمرض ماعلى ذلك الشخص فعله. التواصل مع الناس عبر مكبرات الصوت غير كافي لان الكثير من الناس قد لاينتبه لما يذاع وقد يكون الكلام مقتضب جدا وغير مفهوم.
٣- اذا مرض احد وعلم بذلك ولم يلتزم الحجر الصحي وتعمد ايذاء الآخرين بطريقة او باخرى فعلى الفاعلين والتنظيمات اجبار ذلك الشخص بالقوة مهما كان ذلك الشخص وموقعه. فليس لاحد الحق في نشر العدوى للآخرين عن قصد وهذه جريمة يعاقب عليها القانون. 
٤- تاسيس خلية عمل مختصة بالوباء (خلية مقاومة ولكن مقاومة ضد الفايروس) مؤلفة من الأخصائيين (ليس من القيادة السياسية وان وجدوا فهم فقط بصفة مراقبين) في كافة المجالات التعلقة بالمرض (اطباء، احصائيين علم اجتماع، اخصاء الوقاية من الامراض، وغيرهم ممن يحتاجه الناس للوقاية من المرض ومنع او بالاحرى التخفيف من انتشاره) لتضع استراتيجية عمل وتنسيق الفعاليات في كل مخيم وتكون مدعومة وعندها غطاء من كافة التنظيمات السياسية لمتابعة المستجدات والقيام بما يجب والتعاون مع الأونروا والهيئات الصحية اللبنانية والعالمية وهيئات المجتمع المدني (نحن بحاجة للجميع الآن)..
٥- عدم الافصاح عن اسماء المرضى على وسائل التواصل الاجتماعي وعقاب من يقوم بذلك عن قصد الاساءة للشخص المصاب او عن غير قصد. وكذلك يجب الحفاظ على خصوصية الافراد المرضى وانسانيتهم وكرامتهم وعائلاتهم. المرض ايا كان ليس بعيب وكلنا معرض للمرض. 
٤- لا ارى في رش السموم للوقاية من الفيروس في ازقة المخيم وجدران البيوت فائدة في الوقاية من الفيروس بل قد يكون الضرر من بعض هذه المواد اكبر من الفائدة على الصحة العامة والبيئة. مع الشكر الجزيل لكل من ساهم وحاول عن حسن نية فعل ذلك خلال الاشهر الخمس الماضية.
٥- الرجاء من الاخوة المغتربين من مخيماتنا تاجيل سفرهم الى لبنان الا في حالات الظروف القصوى. انا مثلكم مغترب واشتاق الى اهلي واصحابي في لبنان. ولكن للضرورة احكام ومتطلبات. حفاظا على صحة اهلنا وحتى لانعرض صحة شعبنا وصحة اهلنا وصحتنا نحن ايضا، علينا ان نتقبل ان سفرنا الى هناك سيضر اكثر مما سينفع. ومن يريد ان يسافر من مخيمات لبنان الى الخارج للاستجمام والسياحة فقط من دون الحاجة الاضطرارية للسفر فعليه تاجيل سفره الى اشعار آخر حفاظا على صحته وصحة عائلته وجيرانه وشعبه ومجتمعه من خطر فيروس كورونا المستجد.
التنظير عن بعد قد يكون سهلا ولكن التطبيق والعمل على الارض في هكذا ظروف من اصعب الامور. اعرف ذلك واقدر كافة الجهود الكبيرة جدا التي تبذل منذ اشهر للوقاية من الوباء ومساعدة ابناء شعبنا على كافة الاصعدة. اعلم الصعوبة في عمل كل ذلك ولكن الكثير من هذه الامور تطبق ويعمل بها في عدد من المخيمات والتجمعات الفلسطينية في لبنان ولكن ليس في جميع المخيمات والتجمعات الفلسطينية للاسف. 
واخيرا، الوقت الآن ليس وقت المناكفات السياسية بل وقت العمل والتنسيق المشترك بين الجميع لاننا كلنا اهل وشعب واحد وخسارة اي شخص لاصابته بالفيروس هي خسارة لنا جميعا. لاباس بالاختلاف السياسي وحتى انه مطلوب ولكن كلنا نتحد ضد اعداء شعبنا ومن ضمن الاعداء هذا الفيروس القاتل.
الله يحمي شعبنا ومخيماتنا من كل وباء ويلطف ويرحم شعبنا ومخيماتنا.
دكتور محمد محمود زكريا

دكتوراه في العلوم الهندسية
ماجستير في العلوم الطبية ، قسم الطب الاجتماعي والصحة العالمية ، تخصص في علوم الصحة العامة

google-playkhamsatmostaqltradent