كأنهم لا يعلمون بأن وسائل المعرفة و المعلومات أصبحت مفتوحة و متوفرة
بكل سهولة للجميع و ان الكلمة و الصورة تصل لمن يهتم بهما في وقت قياسي
مهما بعدت المسافات و قل شأن الحدث . لم تعد الوسائل القديمة للتعتيم مجدية
و ليس بمقدور الحكومات المستبدة ان تقفل الفضاء و تسمح بمصدر معلومات يتيم .
ان عجلة الزمن تدور مسرعة الى الامام و لكنها توقفت عند الحمقى و المنافقين من
الاعلاميين الذين يخدمون الاستبداد . اؤلئك لا يعلمون هذه الحقيقة او لا يلتفتون
لها لأنهم وصلوا من الوقاحة إلى حد تبديل المواقف أكثر من مرة في جلسة
واحدة و على الهواء مباشرة و هم يبتسمون و لا يشعرون بحرج او يخجلون
من أنفسهم أو ممن يشاهدهم . لقد قلت الحيادية و المهنية و أصبح الإعلامي
ينطق بلسان شخصية حكومية أو حزبية أو سياسية و مرتهن لجهاز استخبارات
الدولة أو لأمير أو ثري متنفذ مرتبط بجهات لا يعلمها الا الله ! إن ما يلفت
و يثير الغرابة هو قلب الحقائق و انطاق من لم ينطق و تلفيق القصص و إسقاط
مواقف قديمة على أحداث جديدة و وضع صور مضى زمنها على أخبار آنية
و إدراج اسماء أموات على على وقائع راهنة ! كأن الناس لا يقرؤون و لا يتابعون
و لا يراقبون أو يربطون بين الماضي و الحاضر . إنه نوع من الاستخفاف بعقول
الناس و اللعب على مشاعرهم و خداعهم لتغيير مواقفهم و امزجتهم . و لكن هيهات
انهم يخدعون أنفسهم و يخدعون السذج من الناس فقط ، و أما سكوت الأكثرية
فهو لا يعني الموافقة أو التصديق بل الخشية من التداعيات . فمع انعدام الحريات
و شيوع البطش و التنكيل يخاف الناس من تعرضهم و اهليهم للأذى و الملاحقة ،
و لو توفر الحد الادنى من حرية التعبير لكانت ردود الأفعال مختلفة و ربما عنيفة .
إن المواقف المتناقضة التي تصدر عن إعلاميين في ازمان متفاوتة تثير الكثير من
الامتعاض بل و القرف من قبل الأكثرية الصامته ، تلك الأكثرية لا تبرر هذا النفاق
بأي شكل من الأشكال لأن السوي و العاقل يعلم أن المواقف قد تتبدل قليلا مع
تغير الظروف و لكنها لا تنقلب رأسا على عقب ! كما و أن المبادئ الأخلاقية
و الانسانية و الثوابت العقائدية و الوطنية لا تتبدل أو تتغير مع الظروف و الأحداث .
لأن أي تغيير في ذلك يعتبر انقلاب جذري في القيم التي بنيت عليها المجتمعات ،
اما غياب البوح فإنه بفعل الخوف و التهديد . تماما كما حصل في تركيا منذ
ان تولت حركة الاتحاد و الترقي "الماسونية" بقيادة أتاتورك الحكم في الربع الاول
من القرن الماضي حيث فرضت على العامة تغيير لغتها و عاداتها و دينها بل
و حتى زيها و لكن ما أن تمكن الاتراك من التقاط انفساهم و تمتعوا بالقليل من
الحرية و الاختيار الحر حتى عاد معظمهم لاصوله التي اقتلع قسرا عنها . و هذا
ما حصل مع الموركسيين المسلمين بعد عشرات السنين من سقوط غرناطة عندما
قاموا بثورة جبال البشارات و لم يكن احد منهم يحمل اسما عربيا او اسلاميا . و هو
ما حصل ايضا في مصر و بلاد المغرب الإسلامي بعد مئات السنين من سيطرة
الفاطميين بالحديد والنار ، و بعد ذلك احتلال الفرنسيين للجزائر و من بعدها لتونس
و المغرب و احتلال الانكليز لمصر عام 1882 . كذلك كان الأمر في بلاد ما وراء
النهر عندما عاد المسلمون إلى ممارسة عقيدتهم و عاداتهم و تقاليدهم بعد عشرات
السنين من سيطرة المغول على بلادهم و ارتكاب المجازر الفظيعة بحقهم ، و بعد
الاحتلال الروسي في القرنين الثامن عشر و التاسع عشر . إن كل المحاولات اليائسة
الهادفة لانتزاع الشعوب عن أصولهم و عقائدهم و عاداتهم و تقاليدهم لا يمكن
نجاحها إلا عند غياب شعورهم القومي و الإنساني و القضاء على لغتهم و تاريخهم .
فهل يمكن لأولئك " الرداحون " المزورون للحقائق أن يقنعوا المسلمين و العرب بأن
القدس و فلسطين من بحرها لنهرها ليست لنا ، و ان الأقصى المبارك غير مهم و لا
يعنيهم بشئ ! هل يمكن هذا؟ عليهم قبل هذا أن ينتزعوا سورة الإسراء و التين بل
و القرآن كله من الوجود حتى يتمكنوا من تحقيق هدفهم ، و من يملك القدرة
على ذلك؟ ! و عليهم أن يقتلعوا الذاكرة من رؤوس الناس و انتزاع القلوب من
صدورهم و إيقاف عجلة الزمن و محو التاريخ من ألفه إلى يائه . إن كانوا
يقدرون على ذلك عندها سنسلم بأننا خسرنا القدس إلى الأبد ، و عندها فقط سنسلم
أن فلسطين ليست لنا . إن الشمس لا تحجب بغربال ، و أن الحياة لا تتوقف عند
رغبات فلان أو علان . لو كان الأمر كذلك لضاعت القدس منذ ازمان غابرة و لما
كان نور الدين و صلاح الدين و قطز و الاشرف خليل و لما كانت حطين و
عين جالوت و الملاحم التي لم تتوقف على مر التاريخ . و الملاحم لن تتوقف
إلا بزوال أسبابها . إن الصهاينة ومن دعمهم و والاهم و نافقهم هم السبب الأول
في استمرار الملاحم و التوترات ، و إن عودة الحقوق كاملة يعني عودة فلسطين
التي تركها أهلها عام 1948 لأصحابها ، هذا هو السبيل لإزالة أسباب التوتر
في المنطقة و في العالم بأسره . ان النفاق الاعلامي مهما كان حجمه و دعمه
و قدراته على قلب الحقائق و تشويه التاريخ و اللعب على التناقضات و استغلال
ترهل و تراجع المخلصين الانقياء في هذه الامة لا يمكنه في نهاية المطاف الا
الخضوع والاعتراف بالهزيمة لأن الحقيقة تبقى ساطعة كالشمس مهما تلبدت
من حولها الغيوم .
بكل سهولة للجميع و ان الكلمة و الصورة تصل لمن يهتم بهما في وقت قياسي
مهما بعدت المسافات و قل شأن الحدث . لم تعد الوسائل القديمة للتعتيم مجدية
و ليس بمقدور الحكومات المستبدة ان تقفل الفضاء و تسمح بمصدر معلومات يتيم .
ان عجلة الزمن تدور مسرعة الى الامام و لكنها توقفت عند الحمقى و المنافقين من
الاعلاميين الذين يخدمون الاستبداد . اؤلئك لا يعلمون هذه الحقيقة او لا يلتفتون
لها لأنهم وصلوا من الوقاحة إلى حد تبديل المواقف أكثر من مرة في جلسة
واحدة و على الهواء مباشرة و هم يبتسمون و لا يشعرون بحرج او يخجلون
من أنفسهم أو ممن يشاهدهم . لقد قلت الحيادية و المهنية و أصبح الإعلامي
ينطق بلسان شخصية حكومية أو حزبية أو سياسية و مرتهن لجهاز استخبارات
الدولة أو لأمير أو ثري متنفذ مرتبط بجهات لا يعلمها الا الله ! إن ما يلفت
و يثير الغرابة هو قلب الحقائق و انطاق من لم ينطق و تلفيق القصص و إسقاط
مواقف قديمة على أحداث جديدة و وضع صور مضى زمنها على أخبار آنية
و إدراج اسماء أموات على على وقائع راهنة ! كأن الناس لا يقرؤون و لا يتابعون
و لا يراقبون أو يربطون بين الماضي و الحاضر . إنه نوع من الاستخفاف بعقول
الناس و اللعب على مشاعرهم و خداعهم لتغيير مواقفهم و امزجتهم . و لكن هيهات
انهم يخدعون أنفسهم و يخدعون السذج من الناس فقط ، و أما سكوت الأكثرية
فهو لا يعني الموافقة أو التصديق بل الخشية من التداعيات . فمع انعدام الحريات
و شيوع البطش و التنكيل يخاف الناس من تعرضهم و اهليهم للأذى و الملاحقة ،
و لو توفر الحد الادنى من حرية التعبير لكانت ردود الأفعال مختلفة و ربما عنيفة .
إن المواقف المتناقضة التي تصدر عن إعلاميين في ازمان متفاوتة تثير الكثير من
الامتعاض بل و القرف من قبل الأكثرية الصامته ، تلك الأكثرية لا تبرر هذا النفاق
بأي شكل من الأشكال لأن السوي و العاقل يعلم أن المواقف قد تتبدل قليلا مع
تغير الظروف و لكنها لا تنقلب رأسا على عقب ! كما و أن المبادئ الأخلاقية
و الانسانية و الثوابت العقائدية و الوطنية لا تتبدل أو تتغير مع الظروف و الأحداث .
لأن أي تغيير في ذلك يعتبر انقلاب جذري في القيم التي بنيت عليها المجتمعات ،
اما غياب البوح فإنه بفعل الخوف و التهديد . تماما كما حصل في تركيا منذ
ان تولت حركة الاتحاد و الترقي "الماسونية" بقيادة أتاتورك الحكم في الربع الاول
من القرن الماضي حيث فرضت على العامة تغيير لغتها و عاداتها و دينها بل
و حتى زيها و لكن ما أن تمكن الاتراك من التقاط انفساهم و تمتعوا بالقليل من
الحرية و الاختيار الحر حتى عاد معظمهم لاصوله التي اقتلع قسرا عنها . و هذا
ما حصل مع الموركسيين المسلمين بعد عشرات السنين من سقوط غرناطة عندما
قاموا بثورة جبال البشارات و لم يكن احد منهم يحمل اسما عربيا او اسلاميا . و هو
ما حصل ايضا في مصر و بلاد المغرب الإسلامي بعد مئات السنين من سيطرة
الفاطميين بالحديد والنار ، و بعد ذلك احتلال الفرنسيين للجزائر و من بعدها لتونس
و المغرب و احتلال الانكليز لمصر عام 1882 . كذلك كان الأمر في بلاد ما وراء
النهر عندما عاد المسلمون إلى ممارسة عقيدتهم و عاداتهم و تقاليدهم بعد عشرات
السنين من سيطرة المغول على بلادهم و ارتكاب المجازر الفظيعة بحقهم ، و بعد
الاحتلال الروسي في القرنين الثامن عشر و التاسع عشر . إن كل المحاولات اليائسة
الهادفة لانتزاع الشعوب عن أصولهم و عقائدهم و عاداتهم و تقاليدهم لا يمكن
نجاحها إلا عند غياب شعورهم القومي و الإنساني و القضاء على لغتهم و تاريخهم .
فهل يمكن لأولئك " الرداحون " المزورون للحقائق أن يقنعوا المسلمين و العرب بأن
القدس و فلسطين من بحرها لنهرها ليست لنا ، و ان الأقصى المبارك غير مهم و لا
يعنيهم بشئ ! هل يمكن هذا؟ عليهم قبل هذا أن ينتزعوا سورة الإسراء و التين بل
و القرآن كله من الوجود حتى يتمكنوا من تحقيق هدفهم ، و من يملك القدرة
على ذلك؟ ! و عليهم أن يقتلعوا الذاكرة من رؤوس الناس و انتزاع القلوب من
صدورهم و إيقاف عجلة الزمن و محو التاريخ من ألفه إلى يائه . إن كانوا
يقدرون على ذلك عندها سنسلم بأننا خسرنا القدس إلى الأبد ، و عندها فقط سنسلم
أن فلسطين ليست لنا . إن الشمس لا تحجب بغربال ، و أن الحياة لا تتوقف عند
رغبات فلان أو علان . لو كان الأمر كذلك لضاعت القدس منذ ازمان غابرة و لما
كان نور الدين و صلاح الدين و قطز و الاشرف خليل و لما كانت حطين و
عين جالوت و الملاحم التي لم تتوقف على مر التاريخ . و الملاحم لن تتوقف
إلا بزوال أسبابها . إن الصهاينة ومن دعمهم و والاهم و نافقهم هم السبب الأول
في استمرار الملاحم و التوترات ، و إن عودة الحقوق كاملة يعني عودة فلسطين
التي تركها أهلها عام 1948 لأصحابها ، هذا هو السبيل لإزالة أسباب التوتر
في المنطقة و في العالم بأسره . ان النفاق الاعلامي مهما كان حجمه و دعمه
و قدراته على قلب الحقائق و تشويه التاريخ و اللعب على التناقضات و استغلال
ترهل و تراجع المخلصين الانقياء في هذه الامة لا يمكنه في نهاية المطاف الا
الخضوع والاعتراف بالهزيمة لأن الحقيقة تبقى ساطعة كالشمس مهما تلبدت
من حولها الغيوم .