في وقت عزت فيه الاصالة و النخوة ، و شاعت فيه الصهينة و التطبيع .
في زمن انقلبت فيه المعايير و اختلطت الامور على الكثيرين حتى بدت
العنصرية و الكراهية و الخيانة تأخذ مكان الاخوّة و الرحمة و التعاضد .
في هذا الوقت العجيب الذي اعتلت فيه الوقاحة سدة المرحلة ، و بدا الغزل
مع الصهاينة على المحطات الفضائية و في وسائل الاعلام و على صفحات
التواصل الاجتماعي امر اعتيادي لا يوصف صاحبة بالخيانة او الارتداد او
حتى زلة اللسان ، بل تحول هذا الى سياسة و تقليد يومي مبرمج يراد منه الترويج
لزمن التهود و اليهودية كما يطمح بذلك الصهاينة و المتصهينين . لقد انكروا
عدالة القضية المركزية لهذه الامة و شيطنوا الشعب الذي قدم التضحيات الجسام
و أزاغوا أعين " المساكين" باقناعهم بان مقاومة الشعب الفلسطيني ما هي الا
عدوان لانهم ليسوا اصحاب حق ، و ان اصحاب الحق هم المحتلون الصهاينة !
في هذا الزمن بالضبط حيث يوصف الفلسطيني بالغريب و الاجنبي ، و يهضم
حقه بالقوانين الجائرة و بالسياسات الماكرة و بالعقول الفاسدة و بالالسن الناعقة .
في هذا الزمن حيث تقفل الابواب في وجهه و تفتح على مصراعيها لليهود في
كل بلداننا من محيطها الى خليجها . حيث يستقبل الصهاينة بالاحضان ، و يقاد
الفلسطينيون للسجون . في زمن يزور فيه التاريخ ، و تزور فيه الاخلاق و الفضائل
و يصبح فيه الشقيق عدوا و العدو قريب ، و يصبح القاتل ضحية و الضحية مجرم .
في هذا الزمن و مع هذه الضوضاء و الافتراءات و الاكاذيب و قلب الحقائق . في
اتون الظلم و القهر ، في اوقات الاستبداد و الانهيار و الانحطاط الاخلاقي و
الانساني تخرج اصوات من هنا و هناك من اخوة لنا في لبنان و تونس و الاردن
و المغرب من كل مكان فيه شريف يرى الاشياء على حقيقتها ، و يميز بين القاتل
و الضحية و بين الحق و الباطل ، بين المقاتل من اجل حقه و دفاعا عن عقيدته و
وطنه و بين المعتدي المجرم الذي اغتصب حقا بالقوة بدعم غير محدود من قوى
تمتلك المال و السلاح و تفتقر للعدل و الانسانية . تنطلق اصوات غاضبة تصلنا
عبر هواتفنا او من خلال الوسائل المتاحة تقول اننا معكم و ان قضيتنا واحدة
و نرفض وصفكم بالاجانب و الغرباء فانتم منا و نحن منكم ، و ان عدونا واحد
و غاياتنا واحده و ان لكم ما لنا و عليكم ما علينا حتى تفرج و تعودوا الى فلسطين .
اصوات و ان كانت قليلة و نعلم ان مثلها اعداد لا تحصى ممن يرفض الظلم و
العنصرية و يرفض التهود و الصهينة لكنها لا تمتلك الادوات التي تعبر فيها
عن نفسها و لم تتح لها الفرصة لتبين مواقفها . انها اصوات تبعث فينا الامل
وتؤكد لنا بان هذه الامة تمتك مخزونا من الخير و انه مهما بدت الاجواء
مكفهرة و معتمة فان الضوء لا يحجب بغربال . و ان الاصوات الناشزة
التي تريد ان تفرق بالخبز و المواد الغذائية و الطبية بين الفلسطيني اللاجئ
و بين اخيه المواطن ، او تريد ان تبتعد بالشعوب العربية عن قضيتها الاولى
و ترمي بها في الاحضان الصهيونية هذه الاصوات و معها اصحابها مآلها
العار و الذل ، و مكانها هو معسكر الاعداء من الصهيونية و من سار معها .
لو كان بمقدوري ان اشكر كل واحد من الطيبين العرب الافذاذ ابناء الاصول
العريقة التي لم تتلوث عروقها بالدماء الصهيونية و لا عقولها بالدعاية الصهيونية
لو كان بامكاني ان اشكرهم واحدا واحدا لشكرتهم و لشددت على اياديهم . نعم
انهم يقومون بما يقتضيه عليهم واجبهم الديني و الاخلاقي و الانساني و القومي
لكن الشكر واجب اتباعا لرسولنا عليه الصلاة و السلام الذي قال :" من لا
يشكر الناس لا يشكر الله " ، شكرا لكم ، شكرا لكل من يقف مع الحق و العدل
شكرا لمن يرفض العنصرية و العنصريين ، ونحن معا يدا بيد ضد مخططات
عدونا الاوحد الذي يستهدف امتنا من المحيط الى الخليج ، العدو الصهيوني المجرم .
ماهر الصديق