recent
أخبار الساخنة

*سقوط النظام الفلسطيني الصحي المتهالك في المخيمات*

الصفحة الرئيسية



يعد الملف الصحي من ابرز الملفات الاشكالية المعقدة والشائكة في حياة اللاجئين الفلسطينيين في لبنان ، وفيه يتجلى الوجه القبيح للمعاناة المزدوجة التي يعيشها اللاجئون الفلسطينيون على عدة مستويات في لبنان .
*وبالحديث عن واقع القطاع الصحي للاجئين ، فقد جرت بعض المحاولات او الحلول العملية والواقعية بين فترة واخرى او بين ازمة واخرى بشكل اصح لاننا بصراحة غير معتادين على العمل القائم على التخطيط* *والاستراتيجيات العلمية بل اعتدنا على " الفلهويات الارتجالية "* ، من قبل وكالة الاونروا ومنظمة التحرير اللتين عملتا ليس على تطوير هذا الجهاز ، بل ليستطيع تلبية الحد الادنى من الخدمات الصحية فقط ، تحت ذرائع ومبررات شح الامكانيات المادية .
*وفي الحقيقة ان جميع المحاولات او الحلول التحسينية هذه، لم تكن جذرية وفعالة بما يكفي للوصول الى الحد الادنى من الاستجابة الطبية المامولة، فنحن والحمد لله مازلنا في هذا القطاع تحت الحد الادنى بكثير، مقارنة بالمستوى الطبي* على الصعيد اللبناني المحلي فقط ، فمابالك اذا قيس ذلك على المستوى الاوسع قليلا، وقتها سيتم تقييم القطاع الصحي بالغير صالح للخدمة بتاتا ، خلاصة القول هنا اذا اردنا ان نشير باصبعنا على موضع الجرح ، فالعلاج الحقيقي يكمن ليس في معالجة المرضى وحسب ، *بل في اعادة بناء هذا القطاع المهترئ نفسه بشكل بنيوي ، وهذا شي مستحيل تحقيقه بالوقت الراهن و على المدى البعيد ، لان المشكلة ليست في الامكانيات فقط بل بالعقلية العشوائية التي تشرف على ادارة هذا القطاع* .
ومن المثير للاستغراب ان القضايا الصحية في المخيمات هي هموم يومية مثل الطعام والشراب فبمجرد ان تفتح هاتفك ( الموبايل ) لتتابع بعض الاخبار المحلية عبر مجموعات التواصل الاجتماعية ( واتساب ) الخاصة بالمخيمات، لتجد عشرات الاستغاثات والنداءات اليومية تدعو الى التبرع بالدم لمريض في حالة حرجة او لمريض سيقوم بعملية جراحية ، وفي احيان كثيرة يكون المريض مهدد بفقدان حياته بسبب عدم توفر المتبرعين او فئة الدم ، حيث خلال 72 عاما ونحن نمر على ذكرى النكبة الاليمة في هذه الايام ، *لم يجري العمل من جميع الجهات المعنية بهذا الملف على انشاء ( بنك دم ) فلسطيني يغطي الطلب اليومي من الدم للمرضى في المستشفيات الفلسطينية *، فالمريض الفلسطيني هو من يتحمل مسؤولية تامين متبرعين له بالدم ، وهذه المسؤولية ملقاة على عاتقه بشكل كامل .*
*هل من المنطقي والمعقول هذا الامر والى متى سيستمر ؟!* وهذه المشكلة صغيرة وبسيطة جدا ، مقابل الملفات الصحية الشائكة الاخرى المتعلقة بالعلاج والاستطباب ، فعلى سبيل الاستطراد والمقال لا يتسع هنا لتفصيل الية العلاج بشكل كامل ومعايير التغطية العلاجية للاجئين الفلسطينيون من الاونروا ومنظمة التحرير ، ولكن ساعرج قليلا لعرض نموذج مبسط يوضح ذلك ، *فاذا كان هناك مريض سيقوم بعملية جراحية للقلب فالتاكيد ان هذه العملية لن تكون في المستشفيات الفلسطينية التي لاتمتلك القدرة على اجراء هكذا عمليات*، وحصرا ستجرى في المستشفيات اللبنانية المتواضعة نسبيا ، واذا كانت كلفة العملية *8000 $* فالاونروا تغطي *60 %* ومنظمة التحرير تغطي *10 %*
هنا يبقى على المريض دفع *30 %* ، وفي حال كان المريض يحتاج دعامات في القلب ( راسورات ) وتكلفتها *5000 $* من النخب الثالث ( الرديء ) ، فتغطي الاونروا *30 %* فقط لانها تعتبرها " *اكسسوارات* " واما بالنسبة لمنظمة التحرير فتكون تغطيتها بين *( 10 % الى 20 %* )،
أن العوامل المساعدة لرفع نسبة التغطية الطبية من المنظمة تلعب فيها دورا المعرفة الشخصية والواسطة العائلية والتنظيمية او المناطقية وربما الحظ احيانا، ويبقى على المريض وعائلته عناء تأمين المبلغ المتبقي لاجراء العملية، و لتبدأ معها رحلة الاستجداء المهين والمذل للكرامة الانسانية (المرمطة) حتى يستطيعوا تأمين المبلغ* . ونحن هنا نتحدث فقط عن عملية جراحية من المستوى المتوسط، فهذا جانب بسيط حاولت عرضه بشكل مختزل في هذا السياق، *وما تبقى من صورة هذا الواقع الصحي المزري، هو بحر من الآلام والاوجاع التي لا تنتهي* .
ومع قدوم جائحة كورونا المستجد على المنطقة، استنفرت المخيمات لرفع مستوى الحذر والوعي من هذا الوباء المميت، وانتشرت معها الحملات الوقائية فبدل ان تتولى المؤسسات الطبية والصحية القيام بهذه الحملات وتوفير مراكز العزل وتقوم باجراءتها بشكل مدروس وعلمي، *ترك الامر مفتوحا على مصراعيه فقامت بتغطية هذا الفراغ المؤسسات الاجتماعية والفعاليات الاهلية وبعض المبادرات الفردية والجماعية وايضا الاجنحة العسكرية للفصائل الفلسطينية في حملات التعقيم والتوعية ، رغم عدم امتلاك الخبرة الكافية لادارة هذا النوع من الحملات لمواجهة وباء من هذا المستوى الخطير*، وباستثناء بعض المؤسسات الطبية التي قامت بحملات خجولة ومحدودة لاترتقي الى حجم و مخاطر الوباء، *وكان كفيل وقوع اصابة او اصابتين في مخيم مثل مخيم عين الحلوة، لتتحول الى كارثة انسانية هائلة ستفتك بالاف العائلات في المخيم وستحتاج ربما الى تدخل دولي كبير ، لان البنية الصحية اللبنانية لن تستطيع تحمل تداعياتها. والى هذه اللحظة الراهنة، هذا السيناريو ليس مستبعد ومن الممكن حدوثه في اي لحظة لاقدر الله مع استمرار تجدد موجات الوباء*.
في الختام ان المشكلة الصحية بنيوية بامتياز وان السياسة الانتظارية والارتجالية والفلهويات ( وباء فلسطيني) يرمي بظلاله على كافة اساليب عمل المؤسسات الفلسطينية الرسمية والمحلية، وتقمصته وكالة الاونروا ايضا فوجب التحذير والتوعية اتجاهه.


*ناشط في مجال حقوق الانسان*
*طاهر ابو حازم*


google-playkhamsatmostaqltradent