لن يتمكن احد على وجه الارض من تحطيم هذه اللعبة الصهيونية الا الشعب
الفلسطيني الذي يحمل مفاتيح السلام و الحرب ، مفاتيح كافة الابواب التي
لا تُشرّع الا بقرار منه . و ما بقي الشعب الفلسطيني متمسكا بحقوقه فإن
كل المكائد الصهيونية و معها مكائد الغرب مدعومة من وكلائهم العرب سيكون
مصيرها الفشل ، تماما مثلما فشلت كل المحاولات السابقة التي استهدفت
هذه القضية المقدسة . فلقد ضاعت القدس عندما كانت تحت حكم العبيديين
و احتلها الصليبيون عام 1099 ثم حررها المسلمين بقيادة صلاح الدين
رحمه الله ، و ضاعت مرة اخرى بخيانات من بعض الامراء الايوبيين ثم استردها
نجم الدين ايوب من جديد . فلا يغتر ترامب و نتنياهو و معهما كل صهيوني
و متصهين من الغرب و العرب بان الترهل الذي تمر به الساحتين الفلسطينية
و العربية و الاختراق الصهيوني غير المسبوق لهذه الامة بل و للعالم يمكن
ان يجعل الشعب الفلسطيني يخضع و يسلم بثوابته و بالاخص في القدس
الشريف . فلا السيسي و لا ابن سلمان و ابن زايد و معهم كل الوكلاء
المتصهينين سوف يكسروا الارادة الفلسطينية التي يقف معها كل
عربي و مسلم شريف حر بل و كل انسان رافض للارهاب الصهيوني
و مؤيد للحقوق العادلة للشعب الفلسطيني . المسألة اعقد بكثير مما يظن
ترامب و اصدقائه الصهاينة و المتصهينين العرب . المسألة ان لا احد
قادر على ان يفرط بالقدس و بالحق الفلسطيني لان الامر ليس بيده ، فهذا
حق جماعي و فردي ، و حتى تنجح مؤامراتهم يجب على كل فلسطيني
ان يقبل بهذا التفريط ! و يجب على كل مسلم ان يتخلى عن الارض المقدسة
فإن حصل ذلك "و لن يحصل" عندها ليقيموا الاحتفالات في كل العواصم العربية
على انغام هاتكفاه و ليرقص زعماء العرب و المسلمين و ليشربوا نخب
صهيون و ليأكلوا الفطير الدموي المقدس . مرة اخرى نقف وحدنا في وجه
العاصفة ، نتلفت حولنا لنرى خيانات لم نكن نتوقعها ، او على الاقل لم نرد
تصديقها . صفقة امريكية صهيونية عربية تهدف لتصفية القضية الفلسطينية
بشكل نهائي ، و تتجاوز الحد الادنى الذي قبله بعضنا على مضض . لقد
تكشفت الوجوه و زالت الاقنعة و ظهرت حقيقة المؤامرة و المتآمرين ،
و اثبتت الوقائع ان التصريحات و المبادرات و الزيارات و اللقاءات الرسمية
و غير الرسمية بين الدول العربية و بالاخص مصر و دول الخليج و على
رأسهم الدولة السعودية و التسابق المحموم للتطبيع على مستويات رسمية
و غير رسمية ، وبمبررات و طرق مختلفة ، كل ذلك لم يكن من قبيل
الصدفة ، بل في سياق مشروع متكامل وصل الى هذه المرحلة . و هنا
لا نبرئ ساحتنا و نتنصل من المسؤولية فإن اوسلو و ما استتبعته من اجراءات
و تبعات و مواقف و مفاوضات عبثية قد بررت للبعض من الذين كانوا
ينتظرون فرصة سانحة للظهور بمظهرهم الحقيقي القائم على التبعية للقوى
المعادية التي تحمي رؤوسهم و تحافظ على مواقعهم و كراسيهم .
لقد وجدوا ضالتهم في تلك المفاوضات و الاتفاقات التي كانت تتوالد
اتفاقات جديدة ثم اوصلتنا الى حالتنا المبهمه ، فلا نحن دولة و لا نحن
سلطة تمسك بزمام الامور ، و لا نحن حققنا الحد الادنى الذي تأسست عليها
اوسلو أي اراضي 67 و القدس الشرقية و العودة و مشكلة اللاجئين .
و فوق كل هذا و ذاك اصبحنا منقسمين سياسيا و جغرافيا ، فمنا من
يرى الحل بالمقاومة و منا من يرى المقاومة عبثية ، و منا من يرى
ضرورة الحل باي ثمن و بان شيئا افضل من لا شئ ، و آخرون يرفضون
اي حل لان كل الحلول ستؤدي الى نتيجة واحدة ألا و هي ضياع القدس
و حق اللاجئين و الدولة المستقلة كاملة السيادة على حدود الرابع من
حزيران . و لا ادري ان كان البعض الذي يتوهم بالحلول " السلمية " قد
اقتنع الان و بعد حوالي ثلاثة عقود على اوسلو ان الحلول مستحيلة مع عدو
استيطاني استعماري مثل العدو الصهيوني ! لذلك فإن الخطوة الاولى
على طريق دفن صفقة القرن تكون بإلغاء اوسلو على اعتبار ان الطرف
الذي اخل بالاتفاق هو الطرف الصهيوني ، و اعادة طرح المسألة الفلسطينية
في كل المحافل الدولية كونها تقع تحت الاحتلال و هو ما تنص عليه
القرارات الدولية التي تدعو الكيان الصهيوني للانسحاب من الاراضي
الفلسطينية بلا شروط . و يجب الاقرار بان الشعب الفلسطيني سيعود لممارسة
كفاحه و اتباع كافة الاساليب لانتزاع حقوقه بما في ذلك المقاومة
المسلحة و الشعبية و العصيان و الانتفاضة . ان الشئ المؤكد للجميع من
فلسطينيين و عرب و صهاينة و غربيين بان الشعب الفلسطيني لن يتخل عن
القدس و لا عن ذرة من تراب فلسطين و انه قادر على افشال كافة المشاريع
التصفوية . و يجب على القوى السياسية الفلسطينية ان تتمتع باعلى مستوى
من المسؤولية لاننا نمر بمرحلة مصيرية و ربما هي اخطر مرحلة في تاريخ
قضيتنا . فيجب انهاء الانقسام فورا و دون تأخير ، و توحيد الرؤية السياسية
تجاه صفقة القرن و معها كافة المشاريع المشبوهة ، والوقوف في وجه
الانجراف العربي للتطبيع ، و اعادة برمجة بوصلة الشعوب العربية نحو
الهدف القومي لحماية البلاد المقدسة من الضياع . ان الانهاء الفوري للانقسام
و تشكيل حكومة إئتلافية ووضع برنامج وطني موحد يضع في مقدمة اولوياته
تحطيم تهويد فلسطين و القضاء على محاولات صهينة الامة العربية المتمثل
بصفقة القرن هو الرد الامثل و السريع على مشاريع التصفية و التطبيع .
ان هذه الصفقة و معها كل مشاريع التصفية سيكون مصيرها كغيرها اوراق
مبعثرة تحت اقدام اطفالنا ، و ان فلسطين ليست على طاولة المزاد بيد احد
لانها اقدس من ان تباع ، و اكبر من البائع و المشتري .
بقلم:ماهر الصديق