recent
أخبار الساخنة

هدم البيوت والأبعاد السياسية

الصفحة الرئيسية


إنَّ المنهجية التي اعتمدها الاحتلال الصهيوني في التعاطي الاجرامي مع أهلنا، وأبناء شعبنا على امتداد الاراضي الفلسطينية، للحؤول دون تصعيد المقاومة، وكبح جماح هذا الجيل من الشباب الغاضب، إنما هي عملية رادعة، ورسالة مسبقة إلى كل شاب يفكِّر بتنفيذ العمليات البطولية ضد الاحتلال وجنوده ومؤسساته، وضد المستوطنين الذين يستهدفون القرى والاحياء الفلسطينية المجاورة للمستوطنات سواء بالقتل، أو الضرب، أو المنع من التنقل، حتى وصلت الأمور إلى منع المزارعين من قطف ثمار الزيتون وغيره، والاعتداء عليهم بالضرب.
إنَّ هذه السياسة العدوانية بكل أبعادها الإجرامية، إنما هي من أبشع صور الاحتلال الغاصب، ويأتي في المقدمة تدمير وهدم بيوت الشهداء، والمناضلين وخاصة الأسرى. ولا شك أنَّ القرار الصهيوني بتدمير بيت من ينفِّذ العملية، إنما هو إجراء همجي لردع أي فلسطيني من القيام بأي شكل من أشكال المقاومة ضد الاحتلال، وجعله يفكِّر مسبقاً وقبل التنفيذ بأن بيت أُسرته سيتم تدميره، وأهله سيصبحون في العراء بعد أن فقدوا ابنهم وبيتهم واستقرارهم.
إن مئات البيوت قد دمِّرت بالكامل بعد أخذ قياساتها، وتحديد كمية المتفجرات التي ستستخدم، واخلائها من أهلها، علماً أن الأسرة دفعت جنى عمرها الطويل حتى وفَّرت ما يلزم للبناء.
والملاحظ أن الاحتلال يركِّز في عملية التدمير على محافظة القدس، لطرد أهلها وتهجيرهم من البلدات والقرى المكتظة، لتقليص عدد سكان القدس من خلال سياسة ترحيل الفلسطينيين، واستبدالهم بالصهاينة لاستكمال التغيير الديموغرافي باخلاء الاحياء العربية مثل العيسوية، وجبل المكبر، وصور باهر، وكفر عقب، وسلوان وغيرها.
كلنا نتذكر تدمير بيت الشهيد عمر أبو ليلى منذ عدة شهور. وخلال الايام السابقة قام الاحتلال بتدمير منزل الحاجة أم ناصر، لطيفة أبو حميد، والدة الأسير ناصر أبو حميد من مخيم الأمعري، وهذا البيت قد تمَّ تدميره خمس مرات خلال سنوات الأسر التي طالت أبناءَها الخمسة، وهذا ما جعل كافة المسؤولين، والاسرى المحررين يلقبون هذا الحاجة الصابرة بخنساء فلسطين، وهي تفتخر وتعتز بهذه التسمية التي أطلقها عليها سيادة الرئيس أبو مازن. خنساء فلسطين الحاجة أم ناصر هي لاجئة من قرية أم شوشة قضاء الرملة، كانت تشاهد بيتها المكوَّن من ثلاثة طوابق ينهار أمامه،ا لكنها كانت صابرة لأن فلسطين اكبر منَّا جميعاً.
إنَّ هذا السلوك العدواني المدروس يأتي في إطار سياسة التهجير، والاقتلاع، والتغيير الديموغرافي، وتوليد حالة الاحباط واليأس لدى الشعب الفلسطيني.
ما يريده الاحتلال هو أن يغلِّب المفاهيم العاطفية والأسرية والدنيوية على مفهوم التضحية، والاستشهاد من أجل الوطن.
هو يريد من الاجيال الشابة أن يأخذوا العبرة من أصدقائهم الشهداء أو الأسرى الذين نفذوا العمليات البطولية، ولكن سرعان ما دُمِّرت بيوتهم، وأهلهم أصبحوا في العراء.
العدو من خلال هذه السياسة العنصرية يهدف إلى إطفاء جذوة الثورة في عقول وقلوب الأجيال. فالعقاب بالنسبة لهم يجب أن يكون شاملاً لأهل الشهيد أو الأسير والاقارب.
وخيراً فعل سيادة الرئيس أبو مازن بإعطاء تعليمات بإعادة بناء منزل أهل الأسير ناصر أبو حميد، وخيراً فعل دولة رئيس الحكومة الدكتور محمد إشتية الذي زار البيت ونقل التحية لأم الأسير، وهذا السلوك الوطني يجب اعتماده بشكل دائم كما هو حاصل من أجل أن نعمِّق المفهوم الثوري والوطني لدى الاجيال الشابة، ولدى الأهالي مهما كانت تكاليف إعادة البناء، لأن وحدة الشعب وصلابته وتماسكه هي الضمانة لاستمرار الكفاح والمقاومة ضد الاحتلال.
لقد غاب عن هذا الكيان العنصري أنَّ هذا الذي يهدمون بيته لأنه ثائر ومقاوم من أجل الحرية هو صاحب هذه الارض الفلسطينية، وكانت ملكاً لأجداده قبل الميلاد، وهو صاحب الحق في الدفاع عن أرضه التاريخية، لأنها أرض المقدسات الاسلامية والمسيحية والفلسطيني متجذر في أرض آبائه واجداده مهما طال الزمن.
في هذه المرحلة تبرز أهمية التضامن والتكافل الاجتماعي لدى أبناء شعبنا في مواجهة هذا السلوك العدواني والعنصري، والذي هو جزء من خطة العدو، وقد رأينا هذه السياسة التي يتم تطبيقها كيف طالت مجمعاً سكنياً في وادي الحمص عندما دمَّرها دفعة واحدة، وأدت إلى تشريد قرابة خمسماية نفر من الأُسَر التي تسكنها.
والأخطر في الموضوع أن الإحتلال نسي أنه إحتلال استعماري صهيوني، وأنَّ الأرض لها أصحابها، وهو لا يملك شيئاً فيها فكيف يدمِّر المباني والبيوت؟؟!!
والمستغرب اكثر هو الصمت الدولي على ما يجري وكأنَّ المغتصب صاحب حق، فلا حساب، ولا عقاب، ولا تطبيق للقوانين والقرارات الدولية.
إذن يا شعبَ الجبارين، أنت في مرحلة مفصلية، فإما أن تكون أولا تكون، ولكن يجب أن تكون، وأن تقاوم الانقسام مثلما تقاوم الاحتلال، فكلاهما مكملان لبعضهما لأنهما يريدان رأس الثورة، ورأس منظمة التحرير، ورأس الحركة الوطنية الفلسطينية. وعندما نتوحَّد ننتصر، فهل نتوحَّد من أجل أن نتتصر؟؟!!
الحاج رفعت شناعة 
عضو المجلس الثوري
25/10/2019
google-playkhamsatmostaqltradent