recent
أخبار الساخنة

مرة اخرى مع الشيخ حسن يوسف

الصفحة الرئيسية


كانت المرة الاولى في تموز عام 2010 عندما ارتد ابنه مصعب عن الاسلام

و اعترف بعمالته للعدو . كتبت يومها تحية لهذا الطود الشامخ ، الذي تصرف

كما ينبغي للكبار ان يتصرفوا . تصرف كاب مكلوم لكنه لم ينكسر ، و تصرف كقائد

حكيم يعرف بان القضية اكبر من ابن و عائلة و اجلّ من فرد او مجموعة افراد .

تصرف كرجل شجاع لا يعرف انصاف الحلول : اما على العقيدة و الوطنية و اما

تنقطع كل الروابط من اساساتها . هكذا يكون رد العظماء ، لان المبادئ عندهم

لا تتجزأ و ان عرى الحقائق مترابطة لا تنفصل . صبر الشيخ كما صبر ابو الانبياء

نوح عليه السلام عندما خالفه ابنه و ابى الا ان يكون مع الكافرين ، نعم أثارته

عاطفة الابوة لكنه تدارك فورا بعدما قال له الله عز و جل " انه ليس من اهلك " :

" قال رب إني اعوذ بك أن أسألك ما ليس لي به علم و إلا تغفر لي و ترحمني أكن

من الخاسرين " . و كذا فعل الصدّيق رضوان الله عليه يوم بدر ، عندما قال له

ابنه عبد الرحمن الذي كان في صفوف الكفار : " لقد اهدفت لي و لكني لم ارد

قتلك ، فرد عليه افضل الخلق بعد الانبياء : و لكنك لو اهدفت لي لقتلتك " .

عندما يتعلق الامر بالعقيدة و الوطن تبتعد المسافات و تنقطع الاواصر و تنفصل

الصلات . هذا ما تعلمه الشيخ الجليل الذي يحسن ترتيل الايات و يفسرها و يعلمها للناس :

" لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله ولو كانوا آباءهم أو أبناءهم أو إخوانهم أو عشيرتهم أولئك كتب في قلوبهم الإيمان وأيدهم بروح منه ويدخلهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها رضي الله عنهم ورضوا عنه أولئك حزب الله ألا إن حزب الله هم المفلحون "

اما المرة الثانية التي كان يجب ان اكتب فيها للشيخ حسن يوسف يوم قام ابنه الثاني

صهيب بالظهور على قناة صهيونية . لكني صعقت و تأثرت الى حد بعيد و خشيت

على حياة الشيخ من هذا الابتلاء الجديد و تذكرت فورا قول الرسول الكريم :

" إن الله إذا أحب عبدًا ابتلاه ". والنبي عليه الصلاة و السلام يقول ايضا :

" أشد الناس بلاء الأنبياء ثم الصالحون ثم الأمثل فالأمثل وهم أحباب الله"

قلت لبعض الاصدقاء ان هذا الابتلاء على الشيخ أشد من كل سنوات الاعتقال

و الابعاد الى جنوب لبنان و اشد من زنزانته الانفرادية و من فراقه للاهل و الاحبة .

و لكن الوقفة غير المستغربة من هذا الشعب الفلسطيني الاصيل ، و التي لم يشهد

لها التاريخ الانساني مثيلا كان فيها العزاء . فلقد وقف الحمساوي مع الفتحاوي مع

القومي و الشيوعي ، وقف الفلسطينيون وقفة رجل واحد تحت يافطة : كلنا ابناءك

يا شيخ حسن . وقفة لا بد انها اربكت و ازعجت المجرم الصهيوني الذي يخطط

و يخترع المكائد لضرب الارادة الفلسطينية ، لتحطيم الثقة بين الشعب و قادته

و بينه و بين مقاومته . الوعي الفلسطيني كان في غاية الروعة و تفوق على

المكيدة الصهيونية . حققت تلك الحملة التضامنية مع الشيخ نصرا لا جدال فيه

على الصهاينة و على كل من يريد ان يشوه صورة المناضلين و القادة المعتبرين .

كان الشيخ يستحق هذه المكافأة من شعبه الذي ضحى من اجله ، و دفع ثمنا

غاليا و لا يزال من اجل عزته و كرامته و حريته و تخليصه من الاحتلال البغيض .

لم يمض الشيخ معظم حياته في المعتقلات ، و لم يضع دمه على كفه ، و لم يكافح

بكل ما يملك من اجل عائلته الصغيرة ، بل من اجل عائلته الكبيرة ، هذا الشعب

العظيم الذي لم يخيب امله . فإن تراجع او انحرف بعض اولاد الشيخ ، فإن اولاده

من الجليل الى النقب على العهد و على الثقة و على الثبات ، و هم في رباط الى

يوم الدين . لن يكون بينهم و بين هذا العدو المجرم الا الحسم ، و لن يكون الحسم

الا باستعادة الوطن التاريخي الى اهله الفلسطينيين . ربما نخذل من ابناء قومنا

او يسقط بعضنا في وحول الوهم ، او يعلق البعض في حبائل و مكائد الصهاينة،

لكن يبقى الرجال العظماء و الشعب العظيم على الوفاء لهذا الوطن المقدس .

تحية للشيخ الجليل في معتقله ، و تحية لاخوته الابطال في المعتقلات الصهيونية

و تحية للشعب الفلسطيني الذي يبين في كل يوم عن اصالته و إبائه و ثباته .



ماهر الصديق






google-playkhamsatmostaqltradent