recent
أخبار الساخنة

بيان صادر عن قيادة حركة فتح في لبنان – إعلام الساحة



إنَّ ضحايا مجزرة صبرا وشاتيلا يشهدون على نازية الصهاينة وأتباعهم، ويؤكدون للتاريخ أن المجزرة ما زالت تتفاعل في كل بقاع الارض الفلسطينية، وعلى مدار الساعة، والقتلة فروا من الحساب والعقاب، ومن رعاية المقبور أرائيل شارون إلى أحضان المجبول بالعنصرية وصديد الصهيونية الذي سمَّم، وأفسد، وشلَّ المنطقة بكاملها، حتى يتسنَّى لهذا الكيان العنصري، والذي تفوحُ منه رائحة الجريمة والكراهية لبني البشر، أن يبسطَ سيطرتَه الكاملة عبر التطبيع، والتدجين، والترّكيع، والتجويع، وشراء الذمم لتحقيق الهدف الاستراتيجي، وهو (حدودك يا اسرائيل من الفرات إلى النيل).
يا جماهير شعبنا الفلسطيني العظيم....
يا من عانيتم سنواتٍ من القهر، والمعاناة، والعذاب، والحصار، ونزيف الدماء منذ النكبة التي أدت إلى تشريد ما يزيد على سبعماية وخمسين ألفاً، مخلِّفين وراءهم سلسلةً من المجازر، والمذابح على إمتداد الارض الفلسطينية  التاريخية.
رغم معاناة النكبة التي صنعتها بريطانيا، ومعها العصابات الصهيونية، وصمت وتخاذل دول المنطقة، وتآمر مجلس الأمن والجمعية العمومية التي أقرَّت الاعترافَ بهذا الكيان الصهيوني الغريب، ليقيم دولته على الأرض الفلسطينية، تمهيداً للسيطرة الكاملة، ومنع قيام الدولة الفلسطينية، ثم بسط السيطرة والنفوذ على دول المنطقة.
ونحن نحيي اليوم هذه الذكرى الأليمة، ذكرى المجزرة التي بدأت ليلة 16/9/1982، واستمرت حتى صباح 18/9/1982، وكانت بحق من أبشع وأقسى المجازر التي تعرَّض لها أهلنا المدنيون، من فلسطينيين ولبنانيين على حدّ ٍ سواء، في مخيمي صبرا وشاتيلا، حيث البيوت متواضعة، وبعضها مسقوف بالزنك، وهي متلاصقة. وقد بلغ الشهداء في هذه المجزرة ثلاثة آلاف وخمسماية شهيد.
إنَّ تنفيذ هذه المجزرة خضع لتخطيط دقيق شارك فيه ارئيل شارون وزير الارهاب والاجرام الصهيوني، ومعه رفائيل إيتان رئيس أركان الجيش الصهيوني، وإلى جانبهما رؤساء العصابات الإجرامية، ومجموعاتهم المسلَّحة بالسيوف والخناجر، والبلطات، والسكاكين من أجل القتل السريع، وحجب الأصوات. هؤلاء القتلة وفي إطار خطة شارون الدموية والتي تحمل عنوان الإبادة البشرية، دخلوا ليلاً إلى بيوت المدنيين النائمين في بيوتهم، وارتكبوا أبشع جريمة في هذا العصر، وقد مكَّنهم من ذلك الإنارةُ التي وفرَّها جيش الاحتلال، والتي أضاءت البقعة التي شهدت أعظم مجزرة في التاريخ الفلسطيني.
في الليلة الأخيرة وعندما ارتوى الجزَّار شارون وأتباعه القتلة من دماء أطفالنا ونسائنا، وانتقموا من صمود مقاتلينا، وافشالهم عمليةَ اجتياح بيروت عندما صمد مقاتلو الثورة الفلسطينية والحركة الوطنية اللبنانية على مدار ثلاثة أشهر، ولم يتمكن جيش الاحتلال من إحداث أي اختراق، وهذا يُسجَّل للتلاحم اللبناني الفلسطيني الذي لقَّن الاحتلال درساً قاسياً، ومرَّغ أنف شارون في تراب مداخل بيروت. ولا ننسى ونحن نتحدث عن المجزرة أن نتطرق إلى ما شهدته الشوارعُ المحيطة بالمخيم حيث قامت دورياتُ العدو والمسلحون باعتقال مئاتٍ من الشبان الهائمين على وجوههم، أو من بيوتهم، وهم لا علم لهم بما جرى داخل صبرا وشاتيلا، وقاموا باعتقالهم ونقلهم في شاحنات إلى مناطق مجهولة، حيث أجهزوا عليهم، ولم يستطع أهلهم التعرُّف إليهم.
في نهاية المجزرة هنأ المجرم شارون القتلة والمجرمين الذين قاموا بالتنفيذ قائلاً لهم: "إني أُهنئكم، فقد قمتم بعمل جيد وناجح".
وفي هذه المناسبة التي مازالت ذكراها وتفاصيلها تُدمي قلوبنا، فإننا نؤكد مجموعةَ حقائق لها علاقة بواقعنا، ومستقبلنا.
أولاً: نأسف لأَّن العالم بأسره كان شاهداً على تفاصيل المجزرة ومرتكبيها ولكنَّ هذه المؤسسات الدولية ابتداء من الجمعية العمومية، ومروراً بمجلس الأمن، وانتهاء بمحكمة العدل الدولية، وكافة الهيئات الحقوقية والقانونية، لم تجرؤ على محاسبة المجرمين، ولم تعاقب أحداً، وهذا ما عَّزز الدور الاجرامي لقادة الكيان الصهيوني، والذين لا يفهمون في التعاطي مع الآخرين إلاَّ لغةَ القصف والتدمير، والقتل والتنكيل والتشريد، والتطاول على كافة الشرائع الدولية.
ثانياً: إنَّ الغدرَ، واستباحةَ الدماء شيء جوهري، ويدخل في العقيدة الصهيونية، وهذا ما يجب التنبُّهُ له، لأنه ثابتٌ عبر التجربة، فالجريمة التي ارتكبت تمَّت بعد رحيل القوات الفلسطينية إلى خارج لبنان، بعد المفاوضات مع الجانب اللبناني ومع المندوب الأميركي، وبعد أن اطمأنَّ الرئيس الرمز ياسر عرفات إلى وجود القوات الاوروبية العسكرية، التي انتشرت حول المخيمات بناء على طلبه، لأنه يعرف أن هذا الاحتلال لا يقيم وزناً لأية قوانين، وانما همه الاول هو خدمة الحركة الصهيونية، والعلم الصهيوني.
ثالثاً: علينا كشعب فلسطيني أن ندرك الحقيقة الجوهرية التي لا يستطيع أحدٌ تجاهلها، وهي أنَّ إنقسامَ الصفِ الفلسطيني، وانعدامَ أي أمل بالوحدة حتى الآن هي رغبةٌ صهيونيةٌ تفوحُ منها رائحةُ الكراهيةِ لأنفسنا، واستمرار هذا الواقع يشكِّل مجزرةً جديدة في واقعنا الفلسطيني، لا تقل خطورةً على قيِمنا الوطنية، وعلى كرامة شعبنا من مجزرة صبرا وشاتيلا.
رابعاً: إذا كنا نريد تكريمَ أهالي شهداء صبرا وشاتيلا في هذا اليوم الحزين، والملطَّخ بدماء جراحهم التي نزفت وما زالت، وصورهم المعلقة على الجدران وهي تقطر ألماً وحزناً، وغضباً، فليس أمامنا إلاَّ أن نكون أوفياءَ لأهلهم، وابنائهم، وأن نؤمّنَ لهم الأمنَ والأمان، وراحة البال، وأن ننهض بهموم مجتمعهم من أجل نشر العدالة، وتلبية الاحتياجات الأساسية التي لا تستقيم الحياةُ الكريمة بدونها، إنَّ زيارة قبور الشهداء وحَدها لا تكفي، فالشهداء في جنات الخلد والنعيم، وما يتمنونه أن يروا أُسرهم يعيشون بكرامة.
إنَّ مجزرة صبرا وشاتيلا تختصر بشموليتها، مسلسلَ المجازر من تل الزعتر، إلى جنين، إلى مجزرة المسجد الابراهيمي، إلى مجازر غزة ونزيفها المتواصل، وعودة إلى مجازر دير ياسين، والطنطورة، وصلحا، واللائحة تطول، والخيارات أمامنا شاقةٌ ومعقدة، ولكنَّ مفتاح الأمل الأكبر لا يتحقق إلاَّ برحمة الله سبحانه لنا، أما الأمل الأصغر فمفتاحه بأيدينا، ولا يتحقق إلاَّ عندما نضع فلسطينَ فوق الحسابات الخاصة، والاقليمية، والحزبية.
المجد والخلود لشهدائنا الابرار.
والعزةُ والنصر والحرية لأسرانا الصامدين.
والشفاء لجرحانا الابطال.
وانها لثورة حتى النصر.
  قيادة حركة فتح في لبنان
                                                        إعلام الساحة
16/9/2019
google-playkhamsatmostaqltradent