recent
أخبار الساخنة

من القسطل وعبد القادر، مروراً بدير ياسين، وصولاً إلى القادة الثلاثة…



بيان صادر عن قيادة حركة فتح – الاعلام المركزي- لبنان

يا جماهير شعبنا الفلسطيني في الداخل والشتات، وفي كل المخيمات..

يحيي شعبنا في هذه الايام سلسلة من المناسبات الوطنية التاريخية، والتي ملؤها المجد، والبطولة، والدماء، والشهداء والأعتزاز.

ففي الثامن من نيسان، كانت المعركة الفاصلة في قرية القسطل التي تشكِّل خاصرةَ القدس. وسبق هذه المعركة الفاصلة الهجومُ اليهودي العسكري على القسطل واحتلالها، وهذا ما دفع عبدالقادر الحسيني لطلب المساعدات العسكرية من القيادة العربية المعنية، لكنه فوجئ بالرفض والصد، والتحذير من أي عمل عسكري، لكن عبدالقادر الحسيني المقدسي قال لهم" إنني ذاهب إلى القسطل وسأقتحمها وسأحتلها ولو أدى ذلك إلى موتي...". واعتمد الحسيني على قواته الذين لم يتجاوز عددهم الستة والخمسين رجلاً، وبدأ الحصار للقسطل مستعيناً ببعض المجموعات من المتطوعين العرب والمسلمين، وخاض معركته وحيداً، ولم يتراجع رغم الفارق الكبير في العدد والعتاد. وقال قولته المشهورة:" نحن أحقُّ بالسلاح المخزَّن من المزابل، إن التاريخ سيتهمكم بإضاعة فلسطين، وانني سأموت في القسطل قبل أن أرى تقصيركم وتواطؤكم".

بدأ الهجوم على قرية القسطل التي احتلتها العصابات اليهودية، وأدت المعركة التاريخية إلى سقوط (150) قتيلاً يهودياً، وجرح (80) منهم، وتم تحرير القسطل. ولكن الهجوم الذي قامت به قوات الهاجناه المدججة بالسلاح والذخيرة، عادت فتمكنت من احتلال القسطل بعد استشهاد عبدالقادر الحسيني، ونقص الذخيرة عند قواته. وفي الوقت الذي كانت فيه القسطل تغرقُ بدمائها، وتدفنُ جثث أبنائها، كانت عصابات الهاجناه بقيادة بيجن تستعد لاقتحام قرية دير ياسين، وهي المجاورة للقسطل، وتم احتلالها بعد إرتكاب مجزرة هي من أفظع المجازر في التاريخ، وعندما وصلت العصابات إلى داخل القرية، والقضاء على الشبان الذين كانوا يدافعون عنها، وهم قلة لأن معظم الشبان كانوا في عملهم، عندها قاموا بصلب الرجال والنساء على الجدارن، واطلاق الرصاص عليهم، واعدامهم، ومنهم من تم تقطيع أوصاله بالخناجر، وبقر بطون الحوامل. وقد وصف رئيس بعثة الصليب الاحمر في فلسطين دي رينيه العام 1948 الارهاربيين في دير ياسين بالقول:" رأيت شباناً ومراهقين، ذكوراً وإناثاً مدججين بالسلاح والرشاشات، والقنابل اليدوية، وخناجرهم الكبيرة في أيديهم، واكثرهم لا يزال ملطَّخاً بالدماء".

إن عدد سكان قرية دير ياسين يقارب الأربعماية، قُتل منهم أكثر من ثلاثماية وستين، ولكنْ دفن منهم مئتان وخمسون في مقبرة جماعية، وهم من الرجال والنساء والاطفال. ولم تحصل هناك ردات فعل من دول العالم.

وهذه المجزرة المروِّعة كانت سبباً في تهجير أهالي القرى الباقية، وخاصة قرى غرب القدس مثل: قالوينا، وعين كارم، وبيت إكسا، والقسطل.

وبيغن يقول:" إنَّ مذبحة دير ياسين كانت السبب الأكبر في إنتصاراتنا في ميدان المعركة". فالصهاينة اعتمدوا وما زالوا في سياساتهم العنصرية على المجازر، والمذابح، والاعدامات الميدانية، والرعب والإرهاب. ولذلك عندما خطفوا الطفل محمد حسين ابو خضير من أمام بيته وهو ذاهب إلى المسجد، ذهبوا به إلى دير ياسين حيث قاموا بإحراقه أولاً ثم قتله.

يا جماهير شعبنا الفلسطيني في الداخل والشتات ...

إنَّ مسلسل المجازر والمذابح والاغتيالات أصبح جزءاً من الايديولوجيا الصهيونية, ولم يتخلَّ الكيان الصهيوني عن ذلك عبر السنوات السابقة من أجل تحقيق الحلم الذي أسس له وعد بلفور, وقرار التقسيم, واحتلال كافة الاراضي الفلسطينية, وتكريس الاستيطان والتهويد, وفي هذا المجال تواصلت عمليات الاغتيال الجبانة التي طالت في1973/4/10 ثلاثة من أبرز القيادات الفلسطينية الفاعلة, والمؤثِّرة, وذات النضج السياسي والفكري, والثوري, والوطني وهم :
الشهيد كمال بطرس ناصر الذي ولد العام 1924 وتربى في بير زيت شمالي رام الله, ودرس في القدس, وأنهى دراسته في الجامعة الاميريكية في بيروت العام 1945 بتخصص العلوم السياسية, وعمل في التدريس, ثم أصدر جريدة "البعث" اليومية في رام الله بعد النكبة, ثم أسس مجلة "الجيل الجديد" .

انتمى إلى حزب البعث العربي الاشتراكي . ثم أبعدته سلطات الاحتلال بعد حرب حزيران بعد 1967 . انتخب عضواً في اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير العام 1969, وتولى رئاسة دائرة الاعلام والتوجيه القومي ، ومجلة فلسطين الثورة ، وكان الناطق الرسمي باسم م.ت.ف.

لقَّبه الأخ القائد صلاح خلف بضمير الثورة نظراً لمصداقيته وسماته الأخلاقية العالية. ثم تسلم رئاسة لجنة الاعلام العربي الدائمة المنبثقة عن الجامعة العربية. كما كان كاتباً وشاعراً .
أما الشهيد محمد يوسف النجار "أبو يوسف", فهو من يبنا في الرملة, وقد ولد العام 1930 . انتقل إلى القدس لإكمال دراسته الثانوية في الكلية الابراهيمية . لقد هُجِّر من يبنا إلى رفح, وغادر القطاع العام 1957 إلى سوريا, ومن بعدها إلى الاردن فقطر, وعمل في وزارة المعارف .

هو من مؤسسي حركة فتح, وقد تفرَّغ للعمل منذ 1967, وانتخب عضواً في اللجنة التنفيذية للمنظمة ممثلاً عن حركة فتح العام 1969, كما عُيِّن رئيساً للجنة السياسية العليا للفلسطينيين في لبنان. وأدى دوراً مهماً في تمتين العلاقة الفلسطينية اللبنانية. رحمه الله, فقد أدى دوراً قيادياً مميزاً على صعيد تنظيم الحركة ومؤسساتها السياسية والاعلامية .
أما الشهيد كمال عدوان فقد ولد في قرية بربرة قرب عسقلان العام 1935. لجأ إلى قطاع غزة بعد 1948, وشارك في مقاومة الاحتلال الذي استهدف مدينة غزة العام 1956 .

واعتقل عند نهاية العدوان الثلاثي على مصر, وعودة غزة للادارة المصرية . عمل في السعودية وقطر، ثم تم اختياره عضواً في أول مجلس وطني فلسطيني العام 1964 .

وهو من المؤسسين الأوائل لحركة فتح , وتولى مسؤولية جهاز الاعلام في الحركة, وأقام جهازاً إعلامياً حركياً له صحيفته وعلاقته الواسعة . انتخب عضواً في اللجنة المركزية العام 1971 في المؤتمر الثالث لحركة . تم تكليفه بمهمة الاشراف على القطاع الغربي إضافة إلى مهمة الاعلام, واستمر كذلك حتى لحظة إستشهاده .

إنَّ ما سبق ذكره وتخليده من مآثر وطنية تفرض علينا أن نستخلص العبر من هذه التضحيات الجليلة :

أولاً: إنَّ السلوك الدموي والارهابي الذي يعتمده الاحتلال الصهيوني, سواء قبل الاحتلال أو بعد الاحتلال, يفرض علينا شئنا أو أبينا أن لا نخون مصالح شعبنا الوطنية, وفي المقدمة الوحدة الوطنية الفلسطينية, مهما كانت التباينات الداخلية, لأن عدوَّنا الوحيد في حركة فتح, وأيضاً كشعب فلسطيني هو الكيان الصهيوني ومن يدعمه.

ثانياً: عندما تكون فلسطين في خطر وجودي, أي قضيتها مهددة بالتصفية علناً وليس سراً, لا يجوز لأحد أن يرفض المصالحة, أو أن يرفض الوحدة الوطنية, خاصة أن نتنياهو نفسه يقول نحن نقدِّم الدعم والمساعدة لغزة من أجل أن يستمر الانقسام في الساحة الفلسطينية, وهذا ما نشرته وسائل الاعلام كلُّها ، فما هو الرد؟؟!!

وهذا يقودنا إلى القول بأن الانقسام هو أقوى سلاح لذبح الشعب الفلسطيني, وتصفية قضيته. وكذلك فإن فصل قطاع غزة عن الضفة الغربية هو جريمة من جرائم العصر الكبرى التي لا تقل خطورة على شعبنا وقضيته من مجزرة دير ياسين .

ثالثاً: التجارب السابقة قبل النكبة وبعدها أثبتت أنه ما حكَّ جلدك مثل ظفرك, وأنه عندما كان شعبنا ضعيفاً ولا يمتلك عناصر القوة ارتكبت المجازر بحق أبنائه, وضاعت هيبته. ولكن عندما تكون م.ت.ف قائمة بكل مؤسساتها, وموحَّدة بوجود فصائلها, وتحكمها رؤية سياسية مشتركة, وبرنامج نضالي موحَّد, فنرى أنها أقدر على المواجهة, وعلى حماية الجبهة الداخلية, وتصبح بحضورها, وبجسمها المتماسك, وبعلاقاتها الدولية, وامتداداتها الشعبية نقطة إرتكاز أساسية, وحولها تتمحور القضايا والمواقف .

وتصبح فلسطين هي قبلة الثوار, والاحرار والشرفاء. وهذا ما يضمن حماية الشعب الفلسطيني ومسيرته .

رابعاً: عبر مسيرتنا السابقة وحتى هذه اللحظة فإن المجازر, والاغتيالات, وتعمُّد القتل المباشر لقياداتنا الذين أسسوا هذه الثورة, وبنوا أركانها, وأنشأوا قواعدها, ووضعوا نظرياتها الثورية سواء في حركة فتح، أو في غيرها من الفصائل, ندرك تماماً أنَّ المخطط المعادي يعتمد على تدمير العقول المبدعة, والقيادات صاحبة المبادئ والمثل والانتماء, والكوادر التنفيذية الجريئة, وأصحاب المواقف الفاعلة والمؤثرة, والقادرة على توحيد الجبهة الداخلية .

خامساً: إنَّ المجازر التي حصلت وتحصل إبتداء من دير ياسين ومروراً بالطنطورة, والصفصاف, وصلحا, وكفر قاسم, وصولاً إلى صبرا وشاتيلا, وتل الزعتر, وجنين,والحرم الابراهيمي, ومجازر قطاع غزة كلها تستهدف وجود شعبنا من أجل إضعافه, وشلِّ إرادته الوطنية, وتمزيق وحدته الداخلية, ودفعه للتنازل عن حقوقه, والتراجع عن ثوابته الوطنية, والقبول بالتوطين, لتسهيل تنفيذ مشروع ترامب الصهيوني .

سادساً: إنَّ القيادات السياسية سواء من حركة فتح, أم من غيرها من قيادات م.ت.ف, والتي استشهدت تشكل مناراتٍ وطنيةً على طريق الثورة, وتؤكد أن الضرورة الوطنية والفلسطينية تفرض على الشعب الفلسطيني التمسك بقوة بوجود منظمة التحرير الفلسطينية، التي حفظت وصانت كفاحنا الوطني, وتطويرها, وحمايتها من كل السهام الموجهة إلى صدرها, كونها الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني, وهذا ما يسعى إليه العدو الاسرائيلي ليلاً نهاراً . ونحن نراهن على الارادة الوطنية الفلسطينية لحماية الانجازات التاريخية .

المجد والخلود للشهداء الابرار.

والحرية للأسرى الأبطال.

والشفاء للجرحى.

وإنها لثورة حتى النصر

قيادة حركة فتح – لبنان

الاعلام المركزي

2019/4/10
google-playkhamsatmostaqltradent