recent
أخبار الساخنة

ثقافة الإختلاف‎ بقلم أبو سامر موسى

الصفحة الرئيسية



بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسول الله وآله الأطهار وأصحابه الأخيار وبعد .
قال الله تعالى في محكم التنزيل (وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ).
ثقافة الإختلاف
بقلم أبو سامر موسى / 23-2- 2019
كثرت في الآونة الأخيرة المشاكل والعداوات الإجتماعية والسياسية والتنافر والتجييش لدرجة الصراع، والذي يؤدي الى ضرر جسدي أو الإشتباك المسلح بين الأفرقاء والذي يسلب نعمة الأمن والأمان وكل ذلك بسبب الإختلاف الفكري او الموقف السياسي الذي تنتهجه جماعة أو فرقة ما. وما يهمني في هذه المقالة المتواضعة هو تسليط الضوء على الواقع الفلسطيني تحديداً وأقول بعون الله تعالى إن المجتمع الفلسطيني كان يعيش في فترة من الزمن تحديداً قبل إتفاق أوسلو بنعمة الإختلاف العقلاني والإيجابي بنسبة مقبولة، وترى جميع الفصائل أن الإختلاف هو مصدر قوة للثورة الفلسطينية بل كانت القيادة الفلسطينية تبحث عن هذا التنوع لانه مجال للمناورة وكانت تلجأ اليه القيادة في خطابها السياسي سواء مع الأصدقاء أو الخصوم، حتى بتوجيه الرسائل للاعداء ولكن بعد المغامرة التي خاضها فريق فلسطيني منفرداً وفي قضية كبرى وليست عملية تكتيكية يمكن السكوت عنها أو المناورة من خلالها بل هي ضربة قاصمة للقضية الفلسطينية بمفهوم الشريحة الكبرى من أبناء وفصائل الثورة حيث تم التنازل من خلالها عن ما يقارب الثمانين بالمئة من أرض فلسطين التاريخية ويعتبر أصحاب الفكر الأخر اتفاق أوسلو أنه هو مكسب مهم للقضية الفلسطينية لإقامة الدولة الفلسطينية بناءً للقرارت الدولية والمتمثلة بحدود الرابع من حزيران لعام 1967 .
وأمام هذا المشهد والإنقسام الحاد وتمسك كل طرف بموقفه وعجز الأفرقاء عن إيجاد قاسم مشترك لمواصلة التفاهم والتلاقي حيث إن الإنقسام إنقسام مشاريع وبرامج ولدت حالة رفض الآخر وعدم تقبل الرأي المخالف لدرجة إراقة الدماء كما حصل في بعض المحطات المفصلية في مسيرة هذه الثورة وقد شهدنا مؤخراً موقفاً عنيفاً من القيادة الفلسطينية المتنفذة بمحاولة إقصاء كل من الجبهتين الشعبية والديمقراطية وقطع الإستحقاق المادي عنهم من الصندوق الوطني الفلسطيني لإبتزاز موقف من هذين الفصيلين العريقين ، كذلك ما شهدناه مؤخراً في مؤتمر موسكو الذي ضم عشرة فصائل فلسطينية وازنة منها الجهاد الإسلامي وحركة حماس حيث اراد فريق إملاء الرأي ومحاولة الضغط على حركة الجهاد الإسلامي لتوقيع بيان ختامي رفضته لانه لا ينسجم مع نهج وتطلعات وفكر الحركة مما أثار حفيظة الفريق الآخر وإتخاذ قرار لا يمتّ للواقعية بشيء ولا يدل على نضج الذين اتخذوا قرار مقاطعة الجهاد الإسلامي والقرار لا يخدم المصلحة الفلسطينية بل يعمق الخلاف ولا يسهم في تحقيق المصالحة ولا يؤدي إلى الوحدة المنشودة , أمام هذا الواقع المظلم الشديد السواد أقول قاعدة معلومة للجميع (الاختلاف في الرأي لا يفسد في الود قضية ) هي مقولة
شهيرة ورثها المثقف العربي عن المفكر و الفيلسوف المصري "أحمد لطفي السيد" الذي وصف بأفلاطون الأدب العربي لكن و للأسف عندما تُطرح قضية للنقاش بيننا كفلسطينيين أو كعرب على سبيل المثال ينأى كل طرف برأيه بعيدا عن طاولة الحوار مدعيا أن موقفه هو الأقرب إلى الصواب والحقيقة في حين أن الطرف أو الأطراف الأخرى تعاني من ضعف في تحليل موضوع النقاش و ترى المرء أحيانا ناعتا الآخر بعدم القدرة على التبصر و فهم الواقع كما ينبغي تحت عنوان الموازين الدولية تارة ومطلقاً لنيران التهكم على الشخص المتحاور معه تارة أخرى ناسيا بذلك أو متناسيا أنه يوجد بين الرأي و الرأي الآخر خيط رفيع يسمى ـ الود ـ لا ينبغي قطعه. هذا الخيط أو الشعرة تحدث عنه اول خلفاء الدولة الأموية (معاوية بن أبي سفيان )عندما سأله أعرابي قائلا: كيف حكمت أربعين عاما و لم تحدث فتنة واحدة بالشام بينما الدنيا تغلي ؟ فأجابه : لو أن بيني و بين الناس شعرة ما قطعتها، كانوا إذا مدوها أرخيتها و إذا أرخوها مددتها .(مقتبس)
لذا أرى أنه آن الآوان للقيادة الفلسطينية أن تعيد النظر بسياساتها وخاصة الفريق الذي إعترف مراراً أنه أخفق ووصل الى طريق مسدود عبر سنوات التفاوض بإعترافه أن الكيان الصهيوني لا يسعى لتنفيذ المتفق عليه وهو لا يحترم المواثيق والمعاهدات... أمام هذا الواقع ومن باب القوة لا الضعف فليمد هذا الفريق يده للفريق الأخر الذي ينادي بضرورة إبقاء شعلة الكفاح المسلح كخيار وحيد لمواجهة الكيان مع إضافة إستمرار النقاش السياسي وتعرية الكيان الصهيوني أمام كافة الدول التى أيدت فكرة إقامة الدولة الفلسطينة أو الذين تحفظوا أو رفضوا الفكرة وماطلوا لصالح الكيان الصهيوني وأعتقد أن القرارات الدولية التي إنتهكتها ما تسمى بالحكومات الصهيونية المتعاقبة حول المدة الزمنية المفترضة لإقامة الدولة الفلسطينية التي كانت برعاية الرباعية أو المسميات الأخرى قد مضى عليها وقت طويل وأصبحت بحاجة لسنوات جديدة من التفاوض ، آن الاوان ليقبل بعضنا بعضا وأن يعذر كلٌ منا الآخرعلى قاعدة إن اختلفت السبل فالهدف واحد هو فلسطين كل فلسطين وعاصمتها القدس الشريف ، آن الأوان ليسمع بعضنا بعضا ونتحاور معاً وإن إختلفنا بالفكر والرأي ، ويبدو من القرآن الكريم أن البشرية في جميع أدوارها كانت محكومة بما يمكن أن نسميه بـقانون الاختلاف ( وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَايَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ ) حيث إن الاختلاف كواقع كان موجوداً وقائماً في مختلف المراحل التاريخية، لذا أشار الله لنا بآية كريمة في سورة آل عمران ( وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْإِذْ كُنتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنتُمْ عَلَىٰ شَفَاحُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا كَذَٰلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ ).
ختاماً نقول ما قاله الله تبارك وتعالى (وَمَا كَانَ النَّاسُ إِلَّا أُمَّةً وَاحِدَةً فَاخْتَلَفُوا وَلَوْلَا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِن رَّبِّكَ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ فِيمَا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ).
google-playkhamsatmostaqltradent