لعل تسارع وتيرة التدخل الاميركي في الشرق الاوسط ، بعد ان وجدت ادارة ترامب ذاتها امام استحقاق التفكير بمستقبل المنطقة باسرها، من خلال ما يسمى صفقة القرن، التي بدأت بتنفيذها مع كيان الاحتلال بعد نقل السفارة الأميركية إلى القدس والاعتراف بها عاصمة للكيان الصهيوني وإقرار "قانون القومية اليهودية" الهادف إلى طرد ما تبقى من الشعب الفلسطيني من أرضهم وشطب قرار حق العودة ، من خلال السعي لإلغاء وكالة غوث اللاجئين ألاونروا، وصولا الى وقف مساعداتها المالية عن المستشفيات الفلسطينية بالقدس المحتلة واغلاق مكتب منظمة التحرير الفلسطينية في واشنطن، ما هو الا تأكيد على البلطجة السياسية التي تمارسها الادارة الامريكية في إطار الشراكة القائمة بينها وبين الكيان الصهيوني، في الحرب المعلنة ضد الشعب الفلسطيني وحقوقه وأهدافه الوطنية والتاريخية.
يبدو ان ما تقوم به الادارة الامريكية من حصار على الشعب الفلسطيني سياسيا واقتصاديا ، هو من اجل فرض صفقتها الفاشلة ، لأنها لم تعلم ان الشعب الفلسطيني افشل كافة المخططات الى تستهدف حقوقه منذ 1948 حتى هذه اللحظة ، وما استمرار مسيرات حق العودة والمقاومة الشعبية على امتداد الأرض الفلسطينية المحتلة في غزة والضفة والقدس والخان الاحمر الا دليلا ساطعا على صمود هذا الشعب العظيم ، الذي رفض مع قيادته الشرعية كلّ مساعي التهدئة التي يسعى الاحتلال لفرضها .
من هنا نحن لا نستغرب ما تقوم به الادارة الامريكية حيث اثبتت دورها تاريخياً، باعتبارها دولة استعمارية – امبريالية قامت على حساب سكان الأرض الأصليين، بعد أن مارست بحقهم الإبادة الجماعية، وسجلّها حافل بالإرهاب والإجرام على مستوى أرجاء العالم ككل، ومنه على وجه الخصوص وطننا العربي وفي القلب منه فلسطين، لذلك، قلنا مبكراً بأن القوى الامبريالية والاستعمارية ممثلة بالولايات المتحدة الأمريكية تمثل رأس معسكر الأعداء العالمي، إلى جانب الحركة الصهيونية والقوى الرجعية العربية ممثلة بأنظمة التطبيع مع الكيان الصهيوني.
إن الاجراءات الاميركية بحق وكالة الغوث اللاجئين " الاونروا" الشاهد العيان على نكبة الشعب الفلسطيني تعتبر اعلان حرب على شعبنا سيواجهها بكل الوسائل ، وهذا يتطلب من المجتمع الدولي والامم المتحدة وجامعة الدول العربية تحمل مسؤولياتهم تجاه اللاجئين الفلسطينيين وحماية الاونروا والحفاظ عليها عبر التمويل المستدام لها وتوفير موازنة ثابتة حتى تلبي احتياجات اللاجئين وتوسيع عدد المانحين وحجم المساهمات والالتزامات العربية والدولية لها .
وفي ظل هذه الظروف نرى أن إغلاق مكتب منظمة التحرير الفلسطينية في واشنطن ، يؤكدا ان الادارة الامريكية ما زالت في سياق حمايتها ودعمها وولائها التام للمشروع الصهيوني، وهذا يستدعي الرد عليه، بقطع كل أشكال العلاقة مع الاحتلال والولايات المتحدة الأمريكية، من خلال العمل على تطبيق قرارات المجلس الوطني الفلسطيني والمجلس المركزي الفلسطيني والتصدي لمخططات تصفية القضية الفلسطينية ، ، والاتفاق على استراتيجية وطنية والعمل على تطبيق اتفاقات المصالحة وتعزيز الوحدة الوطنية ضمن اطار منظمة التحرير الفلسطينية وحماية مشروعها الوطني والتصدي للهجوم الأمريكي على منظمة التحرير ومكانتها كممثل للشعب الفلسطيني ولكفاحه الوطني الطويل، وتصعيد النضال دفاعاً عن الحقوق الوطنية المشروعة للشعب الفلسطيني.
ختاما : لا بد من القول ان الشعب الفلسطيني أثبت عبر التاريخ أنه متمسك بوطنه وقضيته، وأن قرارات ادارة ترامب تمثل أقبح أشكال الابتزاز والعربدة السياسية الأمريكية ، وهذا يتطلب الرد على المواقف الأمريكية من خلال الاستمرار بمقاطعتها وتكثيف التحركات السياسية والنضالية على كافة الاصعدة .
كاتب سياسي