لن نقول كما يحلو للبعض ان يزخرف الاشياء ، و يصنع من الهزيمة نصرا .
يلمع الحكام فيجعل من القزم عملاقا و من الجبان بطلا و من العميل مناضلا!
لن نقول هذا ابدا، لقد هزمنا شر هزيمة ، و ما زلنا نعيش تداعيات تلك الهزيمة
الى الان . علينا ان نملك الشجاعة و نسمي الاشياء بمسمياتها ، فمن غير المنطق
ان نخسر اراضينا المقدسة و اراض شاسعة و تدمر بلادنا و تباد قواتنا العسكرية
و هي على الارض ، و نخسر عشرات الالاف من جنودنا و مواطنينا و نصفع في
كرامتنا ثم نقول : خسرنا المعركة و لكننا لم نخسر الحرب ! نحن خسرنا المعركة
و الحرب و اجزاء عزيزة من بلادنا ، و خسرنا مع كل ذلك حريتنا لمصلحة حفنة
من الطغاة . بالرغم من ذلك لم نضع فرصة للتصفيق للطغاة و الهتاف بحياتهم
و تجديد الطاعة لهم و كأن شيئا لم يكن ! ليس هكذا تبنى الاوطان ، و ليس بهذا
الاسلوب يغسل العار ، و ليست تلك هي الطريقة المثلى لتحويل الهزيمة الى نصر .
كان يجب ان يسقط الطغاة و في مقدمتهم اصحاب الشعارات الفاقعة و الخطب
الحماسية الرنانة ، و كان يجب ان يحاكم كل مسؤول عن الهزيمة ، محاكمة
عادلة و يتم القصاص منهم على الملأ . كان يجب دراسة اسباب الهزيمة
من كل الجوانب العسكرية و التخطيطية و التعبوية ، حتى نتمكن من التخلص
من كل تداعياتها و الحذر من الوقوع فيها مرة اخرى، و العمل على استعادة
زمام المبادرة . اما استمرار الامور كما هي كانت تمثل النكسة الحقيقية التي
قسمت ظهر امتنا على مدى خمسين عاما . و لم تعد الاشراقة لهذه الامة و الامل
بتحقيق الانتصارات من جديد الا اعمال المقاومة ، و الصمود الاسطوري الذي
تحقق في غزة على مدار ثلاثة حروب مدمرة لم يحقق فيها العدو اي انتصار
بل لاحقته الهزائم و تكبد الخسائر العسكرية و المعنوية الجسيمة بالرغم من
انعدام توازن القوى العسكري . لكن كان هناك اختلال واضح في التوازن
المعنوي بين رجال المقاومة و بين جنود الاحتلال . برزت عقيدة القتال
و ارادة الصمود و الصبر و التضحية و تكبيد العدو الخسائر البشرية و عدم
المساومة أو التراجع رغم عمق الجراح كل هذا رفع من كفة المقاومة و فرض
على العدو قوانين جديدة في الصراع لم يعهدها مع الانظمة المهترئة و المهزومة .
هكذا تكون المواجهة الحقيقية ، ليس من خلال الاذاعات و اطلاق الشعارات الفارغة
و تلفيق الاكاذيب و تضخيم المعلومات و فبركة الانتصارات . الانتصار يتحقق
بالاعداد العسكري مترافق مع الاعداد النفسي و التعبوي و الاستعداد للتضحية.
و ايضا بدراسة الامكانات الذاتية مقارنة بامكانات العدو مع اضافة الروح المعنوية
التي يمتلكها الرجال الشجعان و يفتقر لها الجندي الصهيوني الجبان . الانتصار
يتحقق بقيادة حكيمة شجاعة تكون في الميدان مع جنودها . صادقة في كلامها،
لا تضخم خسائر العدو و لا تقلل من خسائرها . اذا قالت نفعل فعلت وكانت
عند كلمتها ، و اذا وعدت نفذت ، و اذا هددت زلزلت الارض تحت اقدام
العدو . فرضت مصداقيتها على العدو قبل الصديق فكانت مثالا للمجد
و املا بتحقيق النصر ، و ما النصر الا من عند الله ان الله عزيز حكيم .