recent
أخبار الساخنة

من المخيم: شاب فلسطيني من الفقر الى العالمية في الاختراع والاختراق




كان حميد محمود في الصف الثامن، يوم بدأ شغفه بالكمبيوتر. حينها افتُتح مقهى للانترنت ملاصق لبيته في مخيم برج البراجنة. ذلك البيت المؤلف من غرفة واحدة، تعيش فيه عائلة مكوّنة من خمسة أفراد. قصة حياة بدأت في ذلك المقهى ولن تتوقف عند اختراق شركة الويسترن يونيون في الولايات المتحدة.

مضت أشهر قليلة وحميد، المولود في العام 1989، يرتاد ذلك المقهى. الشغف بالكومبيوتر يزداد، ومعه الشعور بالحاجة إلى التعلّم. لكن فقر الأب، الذي فقد إحدى قدميه في حرب مضت، يمنعه من إشباع شغفه. توجّه إلى أحد المعاهد في المخيم، قايضه: “أكنس المعهد، وأقوم بتنظيف المقاعد، مقابل أن أتلقى تعليماً مجانياً لديكم”. قبل مدير المعهد العرض.

درس حميد كل أنواع Office وPhotoshop والصيانة وغير ذلك في أشهر قليلة. تلقى بعدها تقديراً من مدير المعهد، بإهدائه جهاز كمبيوتر. لم يصدّق هو وأخواه أنهم يملكون الجهاز الخاصّ بهم.

بعد شهرين كان حميد يتعلّم أولى لغاته في البرمجة C++. موقع التجربة مقهى الإنترنت. جلس خلف جهاز في المقهى، وأخذ يتلاعب من خلاله، بجهاز صاحب المقهى. انتبه الأخير، تلقى حميد ضرباً مبرحاً، وطُرد من المقهى. الأهم بالنسبة إليه أن التجربة نجحت.

يذكر حميد أول كتاب قرصنة اقتناه في الصف التاسع، إنه “أسرار القرصنة”. شهر كامل ادّخر خلاله مصروفه لكي يتمكن من شراء ذلك الكتاب. شرع يقرأ عشرات المقالات عن عظماء الهاكرز. ووصل شغفه إلى أن يقضي نحو 16 ساعة يومياً أمام شاشة الكمبيوتر بحثاً في حياة هؤلاء.

بعدها بعام افتتح محلاً صغيراً لصيانة أجهزة الحاسوب وبرامجه. ثقته بنفسه تضاعفت حين استطاع في صف البكالوريا الأولى أن ينشئ برنامجاً خاصاً بحل أسئلة الرياضيات بعد توسع في دراسة لغات البرمجة. يقول إن أطول مسائل الرياضيات لم يكن حلّها يستغرق أكثر من ثلاث دقائق بواسطة البرنامج. وفي ذلك العام بدأ إنتاج البرامج وبيعها لشركات عديدة.

انتسب إلى الجامعة باختصاصين معاً: غرافيك ديزاين وComputer Science. اشتد المرض على والد حميد. “كان دافعاً إضافياً لي للاجتهاد، لأُشعره بالفخر، ولأني كنت أرى انبساط وجهه عندما أحقق إنجازاً”، يقول حميد. كان أستاذه الجامعي يشرح درساً، حين رن هاتفه، يخبره محدّثه عن حدث طارئ، صاح الأستاذ: فـ”ليكمل حميد الدرس”. وقف الأخير مربكاً، ثم تماسك. وما إن أنهى الدرس حتى وقف جميع الطلاب مصفقين. بكى حميد.

في سنته الدراسية الثالثة خاض مسابقة “Imagine Cup” العالمية، التي تجريها شركة مايكروسوفت، لكن حدثاً ما أجبره على الانسحاب؛ موت أبيه. يقول: “كنت متألماً أنه بعد سنوات الفقر الطويلة، ولما بدأت إشارات تغير وضعنا الاجتماعي مات أبي”. كاد حميد يغادر مقاعد الدراسة لولا مساندة أساتذته وزملائه. عاد يحمل ثأراً ضد الفقر، كما يقول. يعمل أكثر، يتعلم أكثر.

أخذ حميد يتعمّق في موضوع صيد الثغرات “bug hunter”، فيحاول إيجاد ثغرات في شركات كبيرة. الهدف إثبات ذاته أكثر من ربح المال، كما يخبر. تلقى رسائل شكر عديدة، وأحياناً مكافآت مالية من شركات عالمية مثل: Yahoo, OLX, Intel, Sendgrid. كان آخرها مكافأة مالية من شركة ويسترن يونيون في الولايات المتحدة قبل ثلاثة أسابيع، لاكتشافه ثغرة يمكن من خلالها اختراق حسابات المستخدمين.

يُصنف حميد نفسه ضمن ما يُعرف بالقراصنة ذوي القبعة البيضاء White Hat Hackers، الذين يحاولون حماية البرامج. ويجري عشرات عمليات الحماية المجانية سنوياً لبرامج تتبع مؤسسات غير ربحية.

يعتبر حميد أن عالم الهاكرز هو العالم الأكثر نبلاً “حيث إنهم يعطونك المعلومات التي تحتاج إليها من دون سؤالك عن انتمائك العرقي والديني أو آرائك السياسية”. اليوم يدرّس البرمجة في أكثر من معهد، ويدير مدونة المهووس للمعلوماتية، التي يتابعها أكثر من 36 ألفاً. ويتحضّر لاستكمال دراساته العليا.

المصدر: المدن
google-playkhamsatmostaqltradent