recent
أخبار الساخنة

نقل أم إبعاد لمدير الأونروا من لبنان إلى سوريا..؟

الصفحة الرئيسية

علي هويدي*
بعد مرور أقل من سنة ونصف على تعيينه مديراً عاماً للأونروا في لبنان بتاريخ 15/4/2015، اتخذ المفوض العام للأونروا بيير كرينبول قراراً بتاريخ 23/8/2016 يقضي بـ “نقل” ماتياس شمالي ليتسلم إدارة إقليم سوريا في “الأونروا” خلفاً لمايكل كنغسلي نيناه الذي أنهي خمسة سنوات من عمله وهي الفترة الرسمية لمهام عمل مدير عام الوكالة في أي من الأقاليم الخمسة وسيتسلم شمالي مهمته الجديدة في 15/9/2016، على أن يتسلم منصبه في الإنابة ولمدة أربعة أشهر الفلسطيني حكم شهوان ابتداءً من 1/10/2016 وتنتهي في كانون الثاني/يناير 2017، لكن ما الذي دفع كرينبول لاتخاذ هذا القرار، وهل بالفعل كانت عملية “نقل” أم “إبعاد” لشمالي؟

تعود القصة إلى ما بعد مرور الشهر الأول على تولي شمالي منصبه الجديد، فقد أعلن كرينبول في مؤتمر صحفي بتاريخ 14/5/2015، عن “تقليصات حادة ستشهدها الوكالة نتيجة النقص في الميزانية”. شكلت قرارات “الأونروا” بالتراجع عن تقديم الخدمات أزمة حادة بين اللاجئين الفلسطينيين الوكالة، اتخذت أدوات التعبير عنها أشكالاً مختلفة لا سيما في لبنان، من إقفال متكرر للمكتب الإقليمي في بيروت، واعتصامات في جميع المخيمات والمناطق، وتظاهرات وندوات ومؤتمرات وورش عمل تثقيفية وحراك دولي متضامن.. استمرت لستة أشهر، استدعت تدخل الدولة اللبنانية بشخص مدير عام الأمن العام اللواء عباس ابراهيم، والأمم المتحدة ممثلة بمديرة فرع لبنان سيغريد كاغ، وتشكيل “خلية أزمة” كمرجعية تمثل الوجود الفسطيني في لبنان بجميع مكوناته الشعبية والسياسية للضغط على “الأونروا” لتراجع الوكالة عن قراراتها.

حصلت لقاءات عديدة في بداية الأزمة في محاولة للوصول الى “حلول” مرضية، وتم التوافق على الشراكة بين اللاجئين و”الأونروا” على اي قرارات مستقبلية تتخذها الوكالة. وقَعَ شمالي في المحظور باتخاذه قرارات أحادية الجانب كخرق للإتفاق وهذه منهجية تعلِّق عليها الوكالة آمالاً كبيرة في التواصل مع اللاجئين الفلسطينيين، موهماً إدارة “الأونروا” بأن تلك القرارات قد جاءت نتيجة التوافق بين الوكالة والقيادة السياسية للاجئين والتي لاحقاً تبناها كرينبول لكنها أحرجته أمام بان كي مون الذي سينهي ولايته نهاية العام الجاري، والذي يسعى لتبييض صفحته الإنسانية بكافة الإتجاهات وواحدة منها كانت زيارته إلى مخيم نهر البارد بتاريخ 25/3/2016، فعلى سبيل المثال لا الحصر، اتخذ شمالي قراراً بسياسة إستشفاء جديدة مع بداية العام 2016 لا تتناسب مع حاجات وقدرات اللاجئين، وعاد واتخذ قراراً آخر بتحويل عملية الحصول على المساعدات العينية لفئة “شبكة الأمان الإجتماعي – العسر الشديد” إلى بطاقة الصراف الآلي دون موافقة المرجعية الفلسطينية في لبنان..، وضرب بعرض الحائط مذكرة المطالب اللتي قدمتها له القيادة السياسية الفلسطينية المجتمعة في سفارة دولة فلسطين في بيروت يوم السبت 28/5/2016، مُعلِناً في المقابل عن سياسة إستشفاء أحادية جديدة في 1/6/2016 ومتسبباً في إنهيار الحوار بين “الأونروا” واللاجئين.. والغريب أن واحدة من الفضائل التي ذكرها السيد كرينبول في مدحه لعمل شمالي خلال هذه الفترة هو “بناء علاقة قوية بين شمالي وممثلي المخيمات”، ولا يعتقد عاقل بأن مُخرجات العلاقة القوية يتمثل بتوزيع الحلوى والعصائر من قبل مختلف التمثيل السياسي والشعبي الفلسطيني في مخيم عين الحلوة أكبر المخيمات في لبنان إحتفاءً بقرار “النقل”.

أما “بيضة القبان” التي بتقديرنا سرّعت باتخاذ كرينبول لقرار “النقل” ما صرح عنه شمالي حصراً لفضائية القدس بتاريخ 30/3/2016 بأن “القيادة السياسية وخلية الأزمة لا تمثل اللاجئين الفلسطينيين في لبنان”، وهذا يتعارض بشكل مباشر مع سياسة عمل “الأونروا” الإستراتيجية. جاء التصريح مناقض لأهداف الوكالة بمد جسور الثقة والإحترام المتبادل بين شمالي و”الأونروا”، وبين القيادة السياسية وخلية الأزمة واللجان الشعبية والأهلية بحيث تُأسس المقابلة الإعلامية لخطوة متقدمة للحوار مع اللاجئين بعد إحتجاجات سلمية باتت تشكل قلق وإزعاج لإدارة “الأونروا” واللجنة الإستشارية للوكالة والأمين العام للأمم المتحدة، فعدم إستمرار شمالي في عمله للثلاث سنوات المتبقية، وفي ظل الصورة القاتمة التي رسمها عن الوكالة أمام اللاجئين والمجتمع الدولي..، لا يمكن فهم عملية “النقل” إلا قراراً بـ “الإبعاد” مُغلفاً ببعض جمل المديح والدبلوماسية..

أمام اللاجئين الفلسطينيين في لبنان الآن أربعة أشهر للمراجعة، فالمدير الجديد بالإنابة لتسيير الأعمال ليس إلا، لكن هي فرصة لتقييم موضوعي على مستويين، الأول للوكالة وما أقدمت عليه من شرخ بسبب سياسات غير محسوبة أو مدروسة من شمالي وكيفية تداركها، والثاني من قبل المرجعية السياسية والشعبية الفلسطينية للاجئين في لبنان والتحضير لمرحلة جديدة لمطالبة الوكالة بالتراجع عن قراراتها..، فمساعدات “الأونروا” للاجئين حقاً وليس إمتيازاً.

*كاتب وباحث في الشأن الفلسطيني
بيروت في 24/8/2016
google-playkhamsatmostaqltradent